وصلاة الصبح (الفجر) أول صلاة مفروضة، وهي ركعتان؛ ميقاتها من طلوع الفجر إلى شروق الشمس، وهي صلاة جهرية[معجم كلمات القرآن].
يبدأ طلوع الفجر بظهور أول خيوط الصبح؛ فالله {فالق الإصباح} [الأنعام: 96] أي مخرج النور من ظلمة الليل، ويكون دقيقا ثم ينتشر ضوئه في الأفق.
وللمكانة الكبيرة التي تحتلها تلك الصلاة عند الله، أقسم بوقتها في سورة حملت اسمها: {وَالْفَجْرِ.وَلَيَالٍ عَشْرٍ }[الفجر2:1]
ويقول الله: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين}[البقرة:238] (الصلاة الوسطى هي الفجر وفق العلماء)
وللفجر سنة مؤكدة ركعتان، صلاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة المفروضة، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله يصلي ركعتي الفجر إذا سمع الأذان، ويخففهما»(أي: يقرأ بقصار السور ولا يطيل] [رواه مسلم[
علينا ان نفكر الآن: ماذا سنجني من صلاة الفجر، وماذا سنفقد بتركها؟ وكيف نفعلها في وقتها؟
فضل صلاة الفجر [ماذا نكسب؟]
خير من الدنيا: سنة الفجر قال عنها الحبيب: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» [رواه مسلم]
شهادة الملائكة ودعاؤها: القرآن الذي تتلوه في صلاة الصبح ستشهده الملائكة، يقول الله سبحانه: {إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا }[الإسراء: 78] ولهذا كان النبي يطيل القراءة بصلاة الفجر[صفة الصلاة للألباني].
في حديث نبوي آخر رواه أبوهريرة رضي الله عنه عن النبي: «يتعاقبون فيكم : ملائكةٌ بالليلِ وملائكةٌ بالنَّهارِ» أي على المصلين ما بين الصبح والعصر وهي مكلفة بتسجيل اعمالهم.[متفق عليه].
رؤية الله: هل اشتقت؟ استمع للحديث النبوي: عن جرير بن عبد الله : «كنا عند النبي إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»، ثم قال { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا }[طه: 130] [رواه البخاري][ولا تضامون أي: لا تحجبكم عن رؤيته شيء].
دخول الجنة: هل تدعو الله معنا؟ استمع لقول النبي: «من صلى البردين دخل الجنة» (البردان: صلاتا العصر والفجر)[رواه البخاري]
يرجع ذلك إلى انهماك الناس بأعمالها في وقت صلاة العصر، واستغراقهم في النوم بوقت الفجر.
نور يوم القيامة: هل تحب أن تحوزه؟، بالتأكيد لن تترك الفجر في جماعة إذا استمعت للنبي يقول: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» [رواه ابن ماجة]
تأمل: كلما زادت العتمة التي تسير فيها إلى الله زاد نورك عنده!
وقد «كان النبي الحبيب يصلي الصبح مع نسائه في المسجد، لا يعرفهن أحد في الطريق من شدة العتمة» [رواه البخاري]
هنا إشارة للصلاة في وقتها، يقول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } [النساء: 103]
ذمة الله: يقول الحبيب: «من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله» [رواه مسلم] وهو ما يعني أن تكون في رعايته وأمنه من كل شر.
ثواب قيام الليل: من فضل الله أن «من صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله» [رواه مسلم]
صلاة الجماعة واجبة للرجال فحسب، وهي رخصة مفضلة للنساء لمن شاءت.
البركة: قال رسول الله: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» [رواه أبوداود]
والبكور يبدأ من وقت صلاة الفجر؛ فمن بدأ يومه من الفجر سيجد البركة في وجهه وعمله.
هدوء النفس وطلاقة الوجه: كلنا نعاني ضغوط الحياة، هل فكرت أن صلاة الفجر يمكن أن تنجيك من شقاء يومك؟
يقول النبي: «يَعْقِدُ الشِّيطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأسِ أحَدِكُم إذا هُوَ نَامَ ثَلاثِ عُقَدٍ ، يضرب على كل عقدة، عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقدة ، فأصبح نشيطاً ، طيب النفس ، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» [متفق عليه]
أجر حجة وعمرة: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «مَنْ صَلَّى الْغَدَاةَ _ الفجر _ فِي جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ» [رواه الترمذي]
صحة العقل والجسد: أثبتت الأبحاث العلمية أن أداء صلاة الفجر في وقتها يُحسِّن من عمل الدورة الدموية في الجسم، ويقوم بتوزيع الدم في مختلف أعضاء الجسم بشكل سليم. واستنشاق هواء الفجر يُعطيك طاقة إيجابية وراحة نفسية، ويمنحك استرخاء وهدوء، ويقلل من حدوث التوتر والقلق. يساعد هواء الفجر على طرد السموم من الجسم وتنقيتها وبالأخص الرئتين. الاستيقاظ باكرأً يُمكِّن من عمل الدماغ بشكل أكبر وكفاءة أعلى.
كيف أستيقظ لصلاة الفجر؟
& النية: استحضر كل ما ذكرناه في فضل صلاة الفجر، وعقوبة تاركه باستمرار، واعقد العزم على الفوز.
& قيام الليل ولو بركعتين: احتفظ بوقت في المساء لقيام الليل وقراءة القرآن، فليس من قبيل المصادفة أن القنوت ليلا جاء في نفس الآية الداعية للحفاظ على صلاة الفجر.
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم حريصا على القيام في ثلث الليل الأخير ويصله بصلاة الفجر، فهو وقت القرب من الله واستجابة الدعاء.
لابد أنك تقول بصعوبة ذلك في حياتنا المعاصرة، خاصة لو كنت موظفا ولديك عمل في الصباح، لكن الأمر يسير فبإمكانك قيام الليل قبل خلودك للنوم إن غلب على ظنك صعوبة الاستيقاظ قبل الفجر، وبإمكانك التبكير في النوم بعد العشاء والاستيقاظ قبل الفجر بساعة.
&أشياء تعينك للاستيقاظ للصلاة ، ومنها:
-عدم السهر امام شاشات التليفزيون والكمبيوتر.
- تجنب المحادثات الطويلة بعد صلاة العشاء ما استطعت.
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي أنه «كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها» أي كراهة السمر بعد العشاء خشية فوات صلاة الليل والفجر [رواه البخاري]
- عدم الإفراط في تناول طعام العشاء قبل النوم، لأن المخ ثبت أنه يكون في حالة تشبه الغيبوبة فيقل تنبهه .
- وضع المنبهات المعتادة وضبطها على وقت صلاة الفجر.والأفضل لمن استطاع قبل الفجر بساعة لاغتنام قيام الليل.
-عدم شرب منبهات قوية بعد صلاة العشاء.
&الدعاء والطهارة وقت النوم: بالاستلقاء على الجانب الأيمن وأن تقول أذكار النوم وتتلو ما ورد عن الحبيب من سور قصيرة ومنها المعوذات وتبارك والحشر، وتسأل الله إعانتك لصلاة الفجر.
&النوم مبكرا: تبين بواسطة العلم الحديث أن ساعة من النوم المبكر تعادل 3 ساعات من النوم بعد منتصف الليل.
وورد عن رسول الله أنه كان اعتاد النوم بعد صلاة العشاء ثم يقوم الليل ما شاء له ربه أن يقوم ، ثم ينام وقت السحر حتى يؤذن للفجر.
من آفات كثرة النوم: قساوة القلب والكسل وغياب الذكاء، وسبحان الله الذي أمرنا بالاستيقاظ للصلاة والفجر.[أبوداود]
& لا انتظار: حاول ألا تفكر إذا ما سمعت الأذان باتخاذ دقائق نوم إضافية [نظرية 5 دقائق فقط] فغالبا لن تتمكن بعدها من القيام لصلاتك، ولكن انهض مباشرة وردد الأذان وأيقظ أهل بيتك.
&استعن بالصالحين: لابد أن ترتب مع أحد أفراد أسرتك وكذلك أصدقائك أمر صلاة الفجر، فمعرفة أن أحدا ينتظرك للصلاة يعينك كثيرا .
فعن أنس بن مالك: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، كان يَمُرُّ بِبابِ فاطِمةَ سِتَّةَ أشْهُرٍ ، إذا خَرجَ لِصلاتِ الفجْرِ يَقولُ : «الصَّلَاةَ يا أهْلَ البيْتِ .إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» [رواه الترمذي] وعن عائشة أن النبي كان يصلاته من الليل كلها، ثم يوقظها عند ركعة الوتر [رواه مسلم، بتصرف]
ماذا تخسر بترك صلاة الفجر؟
الحرمان: احذر لأنك بترك صلاة الفجر تخسر معية الله، وشهادة الملائكة، وأجر القائمين، وما أعده الله لك من النعيم برؤيته ودخول الجنة ونور يوم القيامة.
صفة النفاق: لابد أنك لا تحب ذلك!؛ يقول النبي صلوات الله عليه: «إن أثقل صلاة علي المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا» [متفق عليه]
عذاب النار: حذر الله سبحانه مرارا من السهو عن الصلاة، ومن ذلك الآية: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ .الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } [الماعون5:4]
ورأى النبي فيما رأى من أحوال الناس يوم القيامة رجل يضربه آخر بحجر شديد يهوي به للنوم عن الصلاة المكتوبة [رواه البخاري]
تأمل: لم يتركها قصدا، ولكنه لم يتخذ التدابير للاستيقاظ لها فاعتاد النوم.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي مر برجل، فَقِيلَ : مَا زَالَ نَائِماً حَتَّى أَصْبَحَ ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ ، فَقَالَ : «بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ» [رواه البخاري]