ج : مس المرأة سواء كان ذلك عمدا ، أو من غير عمدا لا ينقض الوضوء على الصحيح ، قد اختلف العلماء في ذلك ، فقال بعضهم : إن مسها ينقض الوضوء مطلقا . وقال بعضهم : لا ينقض الوضوء مطلقا . (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 214) وقال بعض أهل العلم : ينقض مع الشهوة ، وهي التلذذ بمسها ، ولا ينقض المس بدون ذلك ، والصواب : قول من قال : إنه لا ينقض مطلقا ؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قبل بعض نسائه ، ثم صلى ولم يتوضأ . ولأن الأصل سلامة الطهارة وعدم انتقاضها إلا بدليل ، وليس هناك دليل واضح ثابت يدل على انتقاضها بمس المرأة ، فوجب حينئذ أن تبقى الطهارة على حالها ، ولا تنتقض بالمس لعدم الدليل على ذلك ، بل لوجود الدليل على أن مسها لا ينقض ولو كان بشهوة ؛ لأن القبلة في الغالب لا تكون إلا عن شهوة عن تلذذ ، فالحاصل أن الصواب والراجح من أقوال العلماء أن مس المرأة بشهوة ، أو بغير شهوة لا ينقض الوضوء ، سواء إن كانت زوجته أو غير زوجته ، هذا هو الصواب ، وأما قوله جل وعلا : أو لامستم النساء ، وفي قراءة : (أو لمستم النساء) ، فالمراد بذلك على الصحيح الجماع ، هذا قول ابن عباس وجماعة من أهل العلم وهو الصواب ، أما قول من قال : إن المراد به مس المرأة كما يروي عن ابن مسعود رضي الله عنه ، يعني مسها باليد فهذا مرجوح ، والله جل وعلا يعبر عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة ، كما في قوله جل وعلا : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ، وقال هنا : أو لامستم النساء ، فالمراد (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 215) به هنا الجماع ، وهكذا قراءة من قرأ : أو لمستم أو من قبل أن تمسوهن ، في طلاق غير المدخول بها ، فالمراد كله الجماع ، هذا هو الصواب ، وهو الحق إن شاء الله . ومن يقول : إن تقبيل الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقاس عليه ؛ لأن الرسول يستطيع أن يمسك نفسه ، وألا يقع فيما يقع فيه العامة الآن . فهذا القول ليس بشيء ، هو المشرع لنا ، هو القدوة عليه الصلاة والسلام ، ولما قيل في مثل هذا قال : إني أخشاكم لله وأتقاكم له عليه الصلاة والسلام ، لما سأله سائل قال : إنك يا رسول الله قد غفر الله لك في مسائل عديدة ، قال : إني أخشاكم لله وأتقاكم له عليه الصلاة والسلام ، فالحاصل أنه القدوة والأسوة في كل شيء عليه الصلاة والسلام ، إلا ما دل الدليل على أنه خاص به عليه الصلاة والسلام .