حكم اقتناء الكلاب والوعيد في ذلك

س : وجدت أناسًا من إخواننا المسلمين يستخدمون الكلاب العادية غير المعلمة ، وذلك في مأكلهم ومشربهم ، وأيضًا يركب الرجل في السيارة ويضع الكلب أمامه ويداعبه بيديه ، فوقفت أمامهم وقلت لهم : إن هذا الكلب لا يجوز استخدامه لما فيه من النجاسة المغلظة . فأجابوا قائلين : إنه يوم ولد هذا الكلب أخذوه وغسلوه بالصابون والماء بعدما كان نجسًا ، وقد أصبح اليوم طاهرًا . وقد استدلوا بأصحاب الكهف وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد ، كما وصفهم الله بقوله : وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ﮢﮥﭞﮨﭭﱊﭦﰸﮗﰰﭿ ﭟﮤﰌﯲﰖﰮﰥ ﯝﰠﯢﮥﭓﰴﮤﯛﱉﮝﰠ ﭟﰟﭔﭔﭩﱉﮡﮥﰊﰠﯛﯚﰠ ﭤ ، فما هو الحكم في هؤلاء؟ وهل يطهر الكلب بعد نجاسته ؟

ج : ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال : من اقتنى (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 383) كلبا إلا كلب صيد ، أو ماشية ، أو زرع فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان يعني من الأجر ، وهذا يدل على أنه لا ينبغي اقتناء الكلب ، ولا يشرع اقتناؤه ، بل ظاهر الحديث منع ذلك ما دام ينقص الأجر قيراطين ، هذا أمر خطير ، هو يدل على كراهة ذلك أو تحريمه ، ومعلوم أن المؤمن ينبغي له أن يبتعد عن كل ما ينقص أجره ، فلا يقتني الكلب إلا لهذه الثلاث : إما لصيد ، وإما لماشية ، وإما لزرع ، يكون مع الماشية يطرد عنها الذئاب ، إذا سمعه أهل الماشية قاموا وطردوا الذئاب أيضا ، والذئاب تهاب صوته إذا سمعته ؛ لأنها تعلم أنه ينبه أهل الماشية ، وهكذا الزرع ؛ للتنبيه لما يرد عليها من سراق أو بهائم تعثو فيها ، أو ما أشبه ذلك ، وما زاد على ذلك لا يقتني الكلب فيه ، هذا الذي اقتناه وصار يحمله في السيارة هذا قد غلط ، وهو على خطر من نجاسته ، وعلى خطر من نقص أجره الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم : أنه ينقص كل يوم من أجره قيراطان ، فلا ينبغي أبدا اقتناؤه لغير هذه الثلاث المصالح ، التي بينها النبي عليه الصلاة والسلام ، وتغسيله لا يطهره ، ولو غسله كل يوم ، نجس بالذات ، مثل لو غسل الخنزير فإنه لا يطهر ، فالخنزير لا يطهر ، والكلب لا يطهر ، فهو نجس ولو غسل بالصابون كل يوم هو نجس ، فلو ولغ في الإناء وجب أن يغسل الإناء منه سبع مرات ؛ إحداها بالتراب ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا ولغ الكلب في إناء (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 384) أحدكم فليغسله سبع مرات ، أولاهن بالتراب المقصود أن الكلب نجس ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : طهور إناء أحدكم أن يغسله سبع مرات ، أولاهن بالتراب فجعلها طهورا ، فدل ذلك على أنه نجس ، وأن هذا الماء إذا غسل به سبع مرات يطهر الإناء ، وكذلك ما يتعلق بكلب أهل الكهف ، هذا لا يدل على جواز اقتناء الكلاب ، فلعلهم اقتنوه لصيد ، أو لماشية عندهم ، والأغلب أنهم اقتنوه للصيد ، يصيدون به ما يتقوتون به ، فلا حرج في ذلك إذا حبسوا عندهم الكلب وربوه وعلموه ، حتى يصيدوا به ، أو حتى يحمي المزرعة ، أو الماشية ، لا بأس بهذا كما تقدم ، ولا يحمل على أنهم اقتنوه للعب ، أو لحاجات أخرى . يحمل على محمل حسن ؛ لأنهم أهل خير ، وأهل استقامة ، وأهل طاعة ، ثم هذا شرع لمن قبلنا ، ليس شرعا لنا ؛ هؤلاء قبلنا ؛ قبل بعث محمد عليه الصلاة والسلام ، فلو قدر أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الكلاب لكان وجود كلبهم عندهم لا يكون شرعا لنا ، لكن ما دام شرعنا أجاز الكلب للماشية والصيد والزراعة فنحمل كلبهم على أنه كان عندهم لواحدة من هذه الأشياء ، والله ولي التوفيق .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: