بيان ما يلزم من لا يستطيع الصيام لمرض لا يرجى برؤه

س: يقول السائل: بينما كنت راكبًا إحدى السيارات العسكرية إذ تعرضت لحادث انقلاب، نتج عنه إصابتي بكسر في العمود الفقري مما جعلني طريح الفراش، وأفقدني بعض الإحساس في بعض أجزاء جسدي، وبما يخرج مني من نواقض الوضوء، وقد يحصل أحيانًا انسداد في المجاري البولية؛ مما جعل الأطباء ينصحونني بالإكثار من الشرب باستمرار، فأنا أسأل عن صيام رمضان، ماذا أعمل فيه؟ وماذا يجب عليّ فعله إن أفطرت في هذه الحالة؛ إذ لا أمل في شفائِي من هذا المرض؟ فهل عليّ كفارة؟ وما هي؟ وبالنسبة للصلاة كيف (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 106)  أصلي؟ وكيف أتوضأ؟ وماذا أعمل لو انتقض وضوئِي دون شعوري، أو إحساس مني بذلك أثناء الصلاة؟ كيف أتصرف في هذه الحالات ؟

ج: أما الصوم فعليه أن يصوم إذا كان يستطيع الصوم، أما إن كان الأطباء قرروا أنه يضره الصوم؛ بسبب المرض الحاضر فإنه لا يصوم، وإذا قرروا أنه لا يرجى برؤه برءا يمكنه من الصوم فإنه لا يصوم أيضا، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم، كالشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، اللذين لا يستطيعان الصوم، فإنهما يكفران بإطعام مسكين عن كل يوم، وهكذا المريض الذي لا يرجى برؤه، إذا كان قد قرر الأطباء أنه لا يرجى برؤه حكمه حكم الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة، يطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد، وهو كيلو ونصف تقريبا، أما إن كان يرجى برؤه، ويرجى شفاؤه، ولكن يضره الصوم فإنه لا يصوم حينئذ، ولكن متى برئ وعافاه الله يصم ولا يطعم. أما الصلاة فإنه يصلي على حسب حاله، يتوضأ إذا كان ما هو على وضوء بالماء، فيقرب لك الماء وتتوضأ إن قدرت، فإن لم تقدر تيمم بعد أن تمسح الخارج بالمناديل؛ الخارج من القبل والدبر، إذا دخل الوقت تمسح أنت، أو (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 107) من يقوم عليك ويخدمك، تمسح الخارج بالمناديل ثلاث مرات أو أكثر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، فلا بد من ثلاث مسحات أو أكثر للقبل والدبر؛ حتى يزول الأثر، وبعد هذا توضأ وضوء الصلاة إن قدرت، وإلا فالتيمم يكفي، يحضر لك التراب في إناء أو في كيس أو في خرقة، وتضرب التراب بيدك وتمسح وجهك وكفيك مرة واحدة، وتصلي في الوقت ، وتجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وتصلي الفجر في وقتها حسب طاقتك وأنت في فراشك على جنبك، أو مستلقيا، أو قاعدا حسب طاقتك، فاتقوا الله ما استطعتم . والنبي صلى الله عليه وسلم قال للمريض: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للمريض، وأنت مريض، هذا هو الذي يجب عليك: أن تصلي قائما إن قدرت، فإن عجزت صليت قاعدا، فإن عجزت صليت على جنبك، فإن عجزت صليت مستلقيا إلى القبلة، تجعل رجليك إلى القبلة، وتشير بيديك تكبر للإحرام رافعا يديك وللركوع كذلك، تقرأ (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 108) وتنوي الركوع وتكبر، وتنوي الرفع فترفع، تقول: سمع الله لمن حمده. تنوي السجود وتكبر ناويا السجود، وهكذا بالنية والكلام، أولا: تنوي الصلاة وتكبر، وتأتي بالمشروع من الاستفتاح والقراءة، ثم تنوي الركوع وتكبر، تقول: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم. وأذكار الركوع، ثم تنوي الرفع، تقول: سمع الله لمن حمده. بنية الرفع من الركوع: ربنا ولك الحمد... إلى آخره، ثم تنوي السجود، تقول: الله أكبر. ناويا السجود، وتقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. إلى آخره، ثم تنوي الرفع، تقول: الله أكبر. ناويا الرفع من السجدة الأولى، وتقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي. ثم تكبر ناويا السجدة الثانية، وهكذا بالنية والكلام المشروع، والله يقول سبحانه: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها . ويقول عز وجل: فاتقوا الله ما استطعتم . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ولو أطعم عدة سنوات عن الصيام، ثم قدر الله له الشفاء قضى، وإلا فإن إطعامه السابق يجزئه على (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 109) الصحيح؛ لأنه فعل هذا لاعتقاد أنه معذور، فإن شفاه الله فقد اختلف العلماء في هذا، فمنهم من قال: يقضي. ومنهم من قال: لا يقضي، فإن قضى فهو أحوط؛ لأنه ظهر أنه غير ميؤوس منه، لما برئ ظهر أن الواقع غير ميؤوس منه فيقضي، وقال قوم: فعل ما شرعه الله على اعتقاد أنه غير مرجو البرء، فيجزئه ذلك.


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: