بيان تحديد السفر الذي يرخص فيه بالفطر في رمضان وقصر الصلاة

س: يقول السائل: ما هو البعد الحقيقي للسفر الذي يرخص فيه بالفطر في رمضان، وكذلك قصر الصلاة؟ فإذا صليت صلاة الظهر مثلاً، وأنا مسافر مع الجماعة في المسجد فهل أقوم بقصر صلاة العصر بعد الظهر مع الجماعة، أو يتوجب عليَّ التأخير أو التقدم عن صلاة الظهر، وأقصر الفرض منفردًا ؟

ج: السفر الذي يحصل به القصر والفطر هو الذي يسمى سفرا شرعا وعرفا، وهو الذي يحصل به التعب والمشقة، في الغالب يوم وليلة بالمطية، وبالسيارة ثمانين كيلو تقريبا، هذا هو السفر؛ ثمانين كيلو، خمسة وسبعين كيلو، وما يقارب هذه المسافة؛ لأن هذا يوم وليلة للمطية، كما أفتى بعض الصحابة في ذلك، ولم يرد عنه عليه الصلاة والسلام تحديد في ذلك، وإنما أطلق السفر، والسفر المطلق يفسر بما جرت به العادة وما عده الناس سفرا، وما كان يوما وليلة ويسمى سفرا بالمطية والماشي، وما كان دون ذلك كنصف اليوم أو ثلث اليوم أو ربع اليوم ما يسمى سفرا في عرف الناس، فلا يقصر فيه ولا يفطر فيه، ومثل ذلك أربعون كيلو وخمسون كيلو، وحول البلد لا تسمى سفرا، لكن إذا كان ثمانين كيلو وما يقاربها يسمى سفرا؛ لأنه يوم وليلة للمطية في عهد استعمال المطايا، وإذا كان عزم على السفر لا يصلي قصرا في البلد، يصلي مع الناس تماما، فإذا خرج عن البلد وفارق البنيان يقصر حينئذ، إذا فارق البناء، وصلى خارج البناء قصر حينئذ وأفطر إذا شاء، والنبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقصر ولا يفطر إلا إذا خرج من المدينة، فأنت كذلك يا عبد الله، إذا خرجت من البلد، وصرت في الصحراء تصلي ثنتين، وتفطر إذا كنت صائما، أما ما دمت في البلد لا تقصر ولا تفطر، صل أربعا مع الناس، وابق صائما مع الناس حتى تفارق البلد. (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 144) س: يقول السائل: أحل للمسافر الإفطار في رمضان، وكذلك قصر الصلاة، فكان في الماضي يتعب المسافر؛ لأن السفر كان شاقا ومتعبا، ولم تتوفر سبل المواصلات، فكانت على الدواب، وبحمد الله الآن تطورت المواصلات، وصارت أكثر من سهلة ومريحة، بإمكان المسافر أن يصل مكانه بكل سهولة ويسر ودون عناء، فهل يجوز له أن يفطر في هذه الحالة ؟ ج: الرخصة في السفر رخصة عامة في الوقت الحاضر وقبله وفيما يأتي أيضا؛ لأن الذي شرعها - هو علام الغيوب - يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، ويعلم أحوال العباد في وقت التشريع، وهكذا في الأوقات المستقبلة في مثل وقتنا هذا، الله يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، ولو كان التشريع يختلف لقال: إذا تيسرت الأسفار. أو: جاءت مراكب مريحة فلا تقصروا ولا تجمعوا. ما قال هذا، لا الرب سبحانه قاله، ولا قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، قال العلماء: إنما قصرت الصلاة في السفر؛ لأنه مظنة للتعب والمشقة ، والمظنة يستوي وجودها وعدم وجودها ما دام أنه مظنة ، فالسفر مظنة المشقة، ولكن ليس وجودها شرطا، فإذا كان السفر مريحا على إبل (الجزء رقم : 16، الصفحة رقم: 145) مريحة، وعلى أوقات مريحة فالقصر مشروع، وهكذا الآن في السيارات والطائرات والقطارات والمركبات الفضائية، كله طريق واحد، يشرع القصر ويشرع الجمع للمسافر، ولو كان في غاية الراحة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حين شرع ذلك لم يقيد، والله في كتابه العزيز لم يقيد بالمشقة، فعلم بذلك أن المسافر يقصر ويجمع ويفطر وإن كان سفره مريحا في السيارة، أو في الطائرة، أو في غير ذلك، والحمد لله على كل حال.


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: