ج: حكم تارك الصلاة فيه تفصيل عند أهل العلم: إن تركها جاحدا لوجوبها يقول: ما هي بواجبة، وهو عاقل؟ كفر بإجماع المسلمين لأنه مكذب لله ولرسوله والله سبحانه يقول: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ويقول سبحانه: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ويقول جل وعلا: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 26) وحج البيت متفق عليه . ولما سأله جبرائيل عن الإسلام قال عليه الصلاة والسلام: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا والصلاة عمود الإسلام، فمن جحد وجوبها كفر بإجماع المسلمين، فإن كان بعيدا عن الإسلام في محلات لا تعرف الإسلام بين له وأقيمت عليه الحجة وذكر له الآيات فإن أصر على جحده وجوبها كفر إجماعا ، أما الذي بين المسلمين يسمع القرآن والسنة، هذا إذا جحدها كفر ، أما من تركها وهو لا يجحد لكن تكاسل، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر أيضا إذا تركها ولو لم يجحد وجوبها لأنها عمود الإسلام، وقد صح فيها أحاديث تدل على كفر من تركها، وقد نقل ذلك عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة رضي الله عنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئا تركه كفر إلا الصلاة، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : رأس الأمر (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 27) الإسلام، وعموده الصلاة ولقوله صلى الله عليه وسلم : بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة رواه مسلم في صحيحه . والكفر والشرك إذا عرف فالمراد به الكفر الأكبر والشرك الأكبر ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر وهذا هو الأرجح، وأصح القولين أنه يكفر كفرا أكبر - نعوذ بالله - ولو ما جحد وجوبها، سواء تركها كلها أو ترك الفجر أو الظهر أو العصر أو تارة يصلي وتارة لا يصلي يكفر بذلك وعليه أن يجدد توبة نصوحا . وذهب الأكثرون من الأئمة الأربعة من المالكية والحنفية والشافعية إلى عدم كفره، وأنه كفر أصغر وشرك أصغر، وهو قول جماعة من الحنابلة أيضا، ولكن الصواب الأول، أنه كفر أكبر؛ لأن الأدلة الشرعية تدل على كفره؛ لأنها عمود الإسلام، فيجب الحذر من ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ترك الصلاة، وأن يحافظ عليها في جميع الأوقات، المغرب والعشاء والفجر والظهر والعصر، يجب أن (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 28) يحافظ عليها جميعا، وأن يصليها في الجماعة أيضا إذا كان رجلا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر ولما سأله رجل أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال له صلى الله عليه وسلم : هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم . قال: فأجب أعمى ليس له قائد يقوده، ومع هذا يقال له: أجب ، صل في الجماعة، فكيف بحال البصير؟ يكون الوجوب عليه أشد وأعظم؟ ولأن عدم الصلاة في الجماعة وسيلة إلى تركها بالكلية والتهاون بها، فالواجب على كل مكلف وكل مسلم الحذر من ذلك وأن يصليها في الجماعة ويحافظ عليها، ويحذر التأسي بأهل الباطل، يحذر صحبة الأشرار الذين يتركونها ويتهاونون بها ليحذرهم غاية الحذر والتهاون بها من صفات المنافقين فلا يجوز للمسلم أن يتأسى بهم، يقول الله سبحانه: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 29) فاحذر أن تشابه أعداء الله المنافقين، يقول الله في حقهم: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا فالواجب الحذر من صفات المنافقين، والواجب على الرجال والنساء جميعا المحافظة على الصلاة في أوقاتها والرجل يؤديها في الجماعة، والمرأة تؤديها في بيتها وتحافظ عليها في وقتها، تحذر الكسل والتهاون فهي عماد الإسلام، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام، في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم : أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته - يعني يوم القيامة - فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر وهذا من الأدلة (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 30) على كفر تاركها . فالواجب على كل مسلم أن يتقي الله وأن يحافظ على الصلاة في الجماعة، وهكذا كل مسلمة عليها أن تتقي الله وأن تراقب الله وأن تحافظ على الصلاة في وقتها، كل وقت، ولا يجوز تأخير الفجر حتى طلوع الشمس إلى أن يذهب إلى العمل، يجب أن يصليها في الوقت مع الجماعة في مساجد الله، فإن صلاها في البيت صحت مع الإثم لكن ليس له أن يؤخرها إلى طلوع الشمس، ولا يؤخر العصر إلى أن تصفر الشمس، ولا يؤخر المغرب إلى أن يغيب الشفق، يجب أن يصلي في الوقت ويجب أن يصلي في الجماعة إذا كان رجل يصليها في المساجد، فإذا أهملها وضيعها كفر - نسأل الله العافية - بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة والحكم عام للرجل والمرأة، ولهذا في الحديث الآخر: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر فالأحكام مشتركة، ما ثبت في حق الرجل ثبت (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 31) في حق المرأة، وما ثبت في حق المرأة ثبت في حق الرجل، إلا ما دل عليه الدليل بالخصوصية، فنصيحتي لكل مسلم ومسلمة تعظيم الصلاة والعناية بها والمحافظة عليها وعلى طهارتها وعلى جميع شؤونها وعلى الطهور فيها، الطهارة شرط لا بد منها والوقت كذلك، واستقبال القبلة كذلك، فالواجب على الجميع العناية بهذه الأمور، وأن يعتني بالطهارة والسترة، ويستر العورة، وأن يعتني باستقبال القبلة وأن يصليها في الوقت، والرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله مع إخوانه، كان عمر رضي الله عنه يكتب إلى عماله - إلى أمرائه - ويقول: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع يعني متى ضيع الصلاة ضيع دينه - نسأل الله العافية - ولا تجد إنسانا يتهاون بالصلاة إلا وهو متهاون بالدين، فهي علامة التهاون وعلامة المحافظة من حافظ عليها حافظ على بقية الدين واستقام أمره، (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 32) ومن ضيعها وتهاون بها ، تهاون ببقية الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله وثبت في مسند أحمد رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوما لأصحابه : من حافظ على الصلاة كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف نسأل الله العافية، وإنما يحشر مع هؤلاء الكفرة لأنه إن ضيعها من أجل الرئاسة لأنه ملك أو لأنه رئيس جمهورية، أو شيخ قبيلة فقد شابه فرعون، فيحشر مع فرعون إلى النار يوم القيامة، وإن ضيع الصلاة من أجل الوزارة شابه هامان وزير فرعون، فيحشر معه إلى النار يوم القيامة - نسأل الله العافية - وإن ضيع الصلاة بأسباب الأموال والشهوات شابه قارون الذي خسف الله به الأرض وبأهله فيكون معه يوم القيامة في النار - نسأل الله العافية - وإن ضيعها بأسباب المعاملات والتجارة شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة، أبي بن خلف كان من تجار أهل مكة، قتل يوم أحد ، قتله النبي صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة عليه الصلاة (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 33) والسلام كافرا، فمن ضيع الصلاة من أجل البيع والشراء والمعاملات شابه عدو الله أبي بن خلف فيحشر معه إلى النار يوم القيامة فيجب الحذر أيها الإخوة في الله يجب الحذر أيها المسلمون، أيها المسلمون نوصيكم بالصلاة احرصوا عليها، حافظوا عليها في أوقاتها بالخشوع والطمأنينة وعدم النقر وعدم العجلة، اتقوا الله في صلاتكم، حافظوا عليها، اركدوا فيها اخشعوا فيها لله لا تعجلوا، أدوها بالطمأنينة والخشوع في القراءة وفي الركوع وفي السجود وفي الرفع بعد الركوع وبين السجدتين، إذا ركع يقرأ: سبحان ربي العظيم - لا يعجل - سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي - لا يعجل يطمئن - وإذا رفع يقرأ: سمع الله لمن حمده . إن كان الإمام أو منفردا وإن كان مأموما يقول: ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد . يكون مطمئنا، يعتدل واقفا، ثم ينحط ساجدا، ويعتدل السجود على السبعة الأعضاء، على جبهته وعلى أنفه، ويديه وركبتيه، وأطراف قدميه يطمئن، يقول: سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي يدعو ربه في سجوده، ويخشع لله في السجود، (الجزء رقم : 6، الصفحة رقم: 34) يقول النبي صلى الله عليه وسلم : أما الركوع فعظموا فيه الرب؟ وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم يعني: حري أن يستجاب لكم . ويقول عليه الصلاة والسلام: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا من الدعاء وهكذا بين السجدتين يطمئن ولا يعجل، يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني لا يعجل، ثم يسجد الثانية ويطمئن ويدعو بما تيسر لا يعجل، هكذا المؤمن فالرجل يؤديها في الجماعة في مساجد الله ويسارع إليها إذا سمع الأذان حي على الصلاة، حي على الفلاح بادر سارع إلى هذه العبادة العظيمة، والمؤمنة كذلك في بيتها، تصليها في بيتها في وقتها بخشوع وطمأنينة وإقبال وإحضار قلب، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق .