ج: إسبال الملابس إلى ما تحت الكعبين محرم، سواء كان قميصا أو سراويل، أو غيرهما، وقد ورد الوعيد الشديد في حق المسبل ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار أخرجه البخاري والإمام أحمد وغيرهما، وقوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره والمنان فيما أعطى، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أخرجه الإمام مسلم وأحمد والنسائي ، ومن صلى وهو (الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 202) مسبل لثيابه إلى ما تحت الكعبين فإن صلاته صحيحة في ذاتها إذا قام بشروطها وأركانها وواجباتها، لكنه آثم ومستحق للعقاب لإسباله، وأما الحديث المذكور في السؤال فقد رواه أبو هريرة رضي الله عنه بلفظ: قال: بينما رجل يصلي مسبلا إزاره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال: اذهب فتوضأ فقال له رجل: يا رسول الله: مالك أمرته أن يتوضأ، ثم سكت عنه قال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل هذا الحديث ليس بصحيح، وقد وهم النووي رحمه الله في تصحيحه، بل هو ضعيف؛ لأن في إسناده مجهولا ومدلسا لم يصرح بالسند، وعلى تقدير صحته فإن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل المسبل أن يعيد الوضوء زجرا له ليلفت نظره لما ارتكبه من معصية الإسبال لعله أن ينتبه إلى خطورة ما فعله وشناءة ما ارتكبه، فيقلع عنه وينتهي عنه فتكمل طهارته الظاهرة والباطنة، فإن الإسبال مظنة التكبر والخيلاء، وداع إليهما والطهارة الظاهرة مؤثرة في طهارة الباطن، كما أن أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء ليكون سببا في مغفرة ذلك الذنب الذي اقترفه وترتب عليه غضب الله عليه وعدم قبول صلاته، فإن الوضوء يكفر الخطايا ويمحو الذنوب ويطفئ المعصية ويزيل أسبابها كما يطفئ الوضوء الغضب، ويدل لذلك ما رواه علي بن أبي طالب عن أبي بكر (الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 203) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله تعالى لذلك الذنب إلا غفر له الحديث أخرجه الإمام أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح، وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق: وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل فإن هذا وعيد وتهديد للزجر والردع يجري على ظاهره، والصلاة مجزئة له بإسقاط فرضيتها عليه إذا أداها وهو مسبل، لكن لا يلزم من ذلك أن صلاته باطلة، فالصلاة في ذاتها صحيحة كما سبق، وإن كانت غير مقبولة عند الله، ويدل لذلك ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا الحديث أخرجه الإمام مسلم في (صحيحه) والإمام أحمد في (مسنده)، فلما كان الإسبال مظنة الكبر والخيلاء وداعيا لهما وذلك ينافي الخشوع والخضوع لله كان خطرا على المسبل ألا يتقبل الله منه صلاته، فإن الله لا يقبل إلا من عبده الخاشع المتواضع، وكلما ازداد الإنسان إقبالا على الله وخشوعا له وخضوعا وتضرعا بين يديه وأبعد عن المعاصي كلما ازداد قبولا عنده، قال الله تعالى: إنما يتقبل الله من المتقين ، فحري بكل مسلم من الرجال أن يبتعد عن هذا الذنب الكبير (الجزء رقم : 7، الصفحة رقم: 204) والجرم العظيم الذي يحول بينه وبين قبول صلاته، وأن يقلع عنه ويتوب منه توبة نصوحا، وأن يتقرب إلى الله سبحانه بما يقربه عنده، ويبتعد عن كل ما يغضبه ليفوز برضاه وجنته ويأمن من أليم عذابه وعقابه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عضو عضو عضو نائب الرئيس الرئيس بكر أبو زيد صالح الفوزان عبد الله بن غديان عبد العزيز آل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز