ج : ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر أربع تكبيرات على الجنازة : السنة أن يكبر أربع تكبيرات ، في الأولى يقرأ الفاتحة ، وفي الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلي في الصلاة ، وفي الثالثة يدعو للميت : اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 358) الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان اللهم اغفر له وارحمه ، وعافه واعف عنه ، وأكرم نزله ، ووسع مدخله ، واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا ، كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم أبدله دارا خيرا من داره ، وأهلا خيرا من أهله ، اللهم أدخله الجنة ، وأعذه من عذاب القبر ، ومن عذاب النار كل هذا كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم للموتى ، ثم يكبر الرابعة ويسلم تسليمة واحدة ، وكان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام - التكبيرة الأولى في الصلوات كلها - أما في الجنازة فقد ثبت عن ابن عمر أنه كان يرفع في التكبيرات كلها ، قال بعض أهل العلم : وهذا يدل على أنه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن هذا لا يقال من جهة الرأي ، ففعل ابن عمر رضي الله عنه معتبر فعله من السلف ، يدل على أن هذا كان متوارثا عندهم عن النبي عليه الصلاة والسلام ؛ لأن هذه المسائل لا تقال من جهة الرأي ، فالأفضل في هذا هو الرفع في جميع التكبيرات ، تكبيرات الجنازة ، (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 359) وهكذا تكبيرات العيد السبع الأولى ، والخمس الأخيرة في صلاة العيد ، وكلما فعل ذلك بعض الصحابة دل على أنه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه ليس من محلات الاجتهاد بل هذا مما يتعلق بالرفع ، يعني لا يتوهم فيه أنه من الرأي ؛ لأنه لا مجال للرأي فيه ، بل الظاهر حمله على أنه تلقاه عن النبي عليه الصلاة والسلام ، فالأفضل في هذا هو أنه يرفع يديه في جميع تكبيرات الجنازة ، وفي جميع تكبيرات صلاة العيد ، هذا هو الأفضل كما فعل ذلك بعض السلف من الصحابة كابن عمر وغيره ، والخلاف في هذا بحمد الله يسير ، لكن هذا الأفضل ، والعالم عليه أن يتحرى الحق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، هذا هو الواجب على أهل العلم أن يتحروا الحق من القرآن والسنة الصحيحة ، ومما فعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح بعدهم ، فإن الأدلة الشرعية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم إجماع سلف الأمة ، ثم القياس الصحيح الذي تتوافر فيه الشروط ، فالجمهور على أن القياس الصحيح الذي تتوافر فيه الشروط يعتمد إذا لم يوجد دليل من الكتاب والسنة والإجماع ، وهذه المسائل مسائل عبادة تتلقى عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ، ليست محل القياس ، القياس في مسائل الأحكام في الفروع ، أما العبادات فهي محل توقيف ليست محل قياس ، إنما هي توقيفية عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم والصحابة إذا فعل الواحد منهم ما (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 360) لا مجال للرأي فيه ، ليس مما يتلقى عن الماضين ، فإن هذا يكون له حكم الرفع ؛ لأن الصحابة تلقوا دينهم وتلقوا عباداتهم عن نبيهم عليه الصلاة والسلام ، فإذا لم يوجد نص من الكتاب أو السنة ، ولكن وجد من فعل الصحابة في المسائل التي لا مجال للرأي فيها ، وليس الراوي لها ممن يتلقى عن الماضين ، فإن هذا العمل يعطى حكم الرفع .