حكم لبس الثوب الأسود للحداد

س : المعروف بالنسبة للنساء في العراق إذا شخص مات ألبسوها ثوبا أسود لمدة سنة كاملة ، وإذا لم تلبس يقولون عليها بأنها فرحت بموت ذلك الشخص ، وكلام الناس لا ينتهي ، ولا يدعون الناس في حالهم ، وأنا علمت أن هذا لا يجوز ، فماذا تقولون لو تكرمتم في هذا عسى أن يستفيد الناس ويعملوا ؟

ج : هذا الذي ذكرت هو مثل ما ذكرت لا يجوز ، كونها تحد سنة كاملة في ثوب أسود هذا لا أصل له ، هذا من عمل الجاهلية ، كانت الجاهلية تحد المرأة فيهم إذا مات زوجها سنة كاملة ، فأبطل ذلك الإسلام ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا من سنة الجاهلية ، وأوجب الله على المرأة بدلا من ذلك أربعة أشهر وعشرا إذا كانت غير حامل ، أما إن كانت حبلى فإنها تنتهي من العدة بوضع الحمل ولو بعد موت زوجها بساعات أو أيام ، أما أن تعتد سنة أو في لباس خاص أسود فقط فهذا لا أصل له ، بل هو من عمل الجاهلية ، فلها أن تلبس الأسود والأصفر والأخضر والأزرق ، لكن تكون بملابس غير جميلة ، ملابس عادية لا تلفت النظر ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى الحاد أن تلبس شيئا من الثياب الجميلة (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 428) المصبوغة ، قال : إلا ثوب عصب فقال أهل العلم : ثوب العصب ليس فيه جمال . فالمشروع لها أن تلبس ثيابا ليس فيها جمال ؛ لأنها تعرضها للفتنة ، تكون ملابسها ملابس عادية لا تلفت النظر ، هذا هو المشروع للحاد ، كما أنه يجب عليها أن تتجنب الطيب مدة العدة ، وكذلك الحلية من الذهب والفضة ونحوهما كاللؤلؤ والماس وأشباه ذلك مدة العدة ، وهكذا تجتنب الكحل في عينيها ، والحناء ، كل هذا مما تمنع منها الحاد ، والحاصل أن الحاد تؤمر بخمسة أمور : الأول : أنها تبقى في بيت زوجها الذي مات وهي ساكنة فيه حتى تنتهي العدة ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للحاد : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله هكذا قال عليه الصلاة والسلام ، لكن لا بأس أن تخرج لحاجة في السوق تشتريها من طعام وغيره ، أو إلى الطبيب لحاجتها إلى الطبيب ، لا بأس (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 429) بهذا ، أما خروجها لغير ذلك كالزيارات ونحو ذلك فلا ، بل تبقى في بيتها ، ولا تسافر أيضا لا لحج ولا غيره حتى تنتهي من عدتها . الأمر الثاني : أنها لا تلبس الملابس الجميلة ، بل تلبس ملابس عادية ليس فيها جمال يلفت النظر ، سواء كانت سوداء أو خضراء أو زرقاء ، وغير ذلك . والأمر الثالث : عدم الحلي من الذهب والفضة ونحوهما ، كاللؤلؤ والماس وأشباه ذلك ، لا تلبس هذا ؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام . الأمر الرابع : عدم الطيب ؛ لأن الرسول قال : لا تمس طيبا فهي حاد ، سواء كان من البخور أو غير ذلك من دهن العود والورد وأشباه ذلك ، إلا إذا كانت تحيض كالشابة ، فإنه لها أن تتبخر لطهرها من حيضها كما أمر بهذا النبي صلى الله عليه وسلم . والخامس : الكحل ، ليس لها أن تكتحل ولا أن تتعاطى الحناء ؛ لأنه جمال فتجتنب ذلك . وما أشبه هذه الأمور الخمسة هي التي يلزم الحاد أن تراعيها وتعتني بها ، أما ما سوى ذلك فهي من جنس بقية النساء ، لها أن تغتسل متى شاءت ، تتروش متى شاءت ، تغير ثيابها متى شاءت ، تستعمل الدواء في عينيها أو غيره من الأدوية على ما عندها من مرض ، تطبخ حاجتها في البيت ، تخدم بيتها ، تصعد في السطح في الليل تنظر إلى القمر ، تخرج إلى الحوش وإلى (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 430) الحديقة في بيتها ، كل هذا لا بأس به ، تكلم من شاءت ، من يكلمها من جيرانها ، أو من غير جيرانها من طريق الهاتف أو غيره ، كل هذا لا بأس به إذا كان كلاما ليس فيه ريبة ولا منكر ، فهي من جنس بقية النساء .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: