حكم قراءة سورة يس على الميت الذي كان لا يصلي قبل وفاته

س : كان لي أخ قد وافاه الأجل ، وكان مستقيما في سلوكه - أي لا يؤذي أحدا ولا يكذب ولا يرتكب المحرمات - وكل الناس يثنون على أدبه وخلقه ، وكان محبوبا من قبل الجميع ، ولكنه لم يكن يصلي (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 259)  ولا يصوم ، علما بأنه كان مطربا - أي يغني - ولديه أغان ... ويستمر في سرد مثل هذا الوصف ، ويقول في نهاية رسالته : إنه يقرأ عليه سورة يس عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : يس قلب القرآن ، لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له ، واقرؤوها على موتاكم ولكني سمعت من برنامجكم الكريم بأن الشخص الميت لا يصل إليه ثواب قراءة القرآن ، أرجو التوجيه ، جزاكم الله خيرا

ج : الذي لا يصلي حالته سيئة جدا ، وقد اختلف العلماء في كفره ، إذا كان يقر بأن الصلاة واجبة ، ويعرف أنها واجبة وفرض ، ولكنه يتساهل ، فلا يصلي ، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه عاص ، ومعصيته كبيرة أعظم من الزنى ، وأعظم من السرقة ، ولكنه لا يكون كافرا ، بل تحت مشيئة الله ، إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه ، إذا كان موحدا مسلما يعبد الله وحده ويعلم أن الصلاة فريضة ، ولكنه يتساهل ، والقول الثاني : أنه يكفر كفرا أكبر ولو أقر بوجوبها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم في (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 260) الحديث الآخر : بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله ، رضي الله تعالى عنهما ، ولأحاديث أخرى جاءت في الباب ، قال عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل رحمه الله : لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون شيئا تركه كفر غير الصلاة يعني أن الصحابة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون أن الصلاة من الأعمال التي يكفر تاركها ، ولو لم يجحد وجوبها ، وهذا القول أصح وأظهر دليلا ، فنوصيك أيها السائل ألا تدعو لأخيك هذا ، ولا تتصدق عنه ، لأنه في ظاهر حاله ليس بمسلم ، ولا تدعو عليه أيضا ولا تسبه ، وأمره إلى الله ، وأما قراءة القرآن : هل يحلق بالميت وينفعه ، فهذا أيضا فيه خلاف بين أهل العلم ، فمن أهل العلم من قال : إن القراءة تنفع الميت إذا قرأ عليه - يعني : إذا قرأ له ؛ ثوب له - قرأ بعض القرآن وجعل ثوابها له ، وقال آخرون من أهل العلم : ليس عليه دليل ولا يلحق ؛ لأن القرب والعبادات توقيفية ، فلا يصار إلى شيء منها إلا بدليل ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن الصحابة ما يدل على القراءة للأموات ، وحديث معقل بن يسار في سورة يس (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 261) ضعيف ، ولو صح لكان المراد به المحتضر : اقرؤوا على موتاكم يس يعني : المحتضر الذي قد دنا أجله حتى يستفيد وحتى يتذكر ، لعل الله يحسن له الخاتمة ، فالمعنى : اقرؤوا على المحتضر - على من دنا أجله ، من دنا موته - سورة يس ، لكنه حديث ضعيف ، وهكذا قوله صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم : لا إله إلا الله رواه مسلم في الصحيح ، معناه : لقنوهم عند حضور الأجل حتى يختم لهم بها ، وحتى تكون هذه الكلمة آخر كلامهم ، وهي : لا إله إلا الله ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : من كان آخر كلامه : لا إله إلا الله دخل الجنة وهذا يدل على أن معنى الموتى المحتضرون ، لقنوا موتاكم ، يعني : محتضريكم ، وبذلك يعلم أن القراءة للموتى ليس عليها دليل ، والأظهر عدم وصولها إليهم ، ولكنهم ينتفعون بالصدقة عنهم ، بالدعاء لهم ، بالحج عنهم ، بالعمرة عنهم ، بقضاء الدين الذي عليهم ، كل هذا ينتفعون به بإجماع المسلمين ، أما الصلاة عنهم والقراءة لهم فهذا لا يصل إليهم على الصحيح ، فإذا كانوا مسلمين فإنهم ينتفعون بذلك ، ومن كان غير مسلم لا ينتفع ، ومن ترك الصلاة حكمه حكم الكفار على الصحيح .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: