حكم الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابه للأموات مرة في كل عام

س : من العادات التي عندهم يجتمع حوالي خمسة أشخاص ويتلون (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 199)  المصحف الشريف ، ويهبون للمتوفى الثواب مرة كل عام ، هل هذا العمل صحيح ؟

ج : ليس بمشروع بل هو بدعة ، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل يصل ثواب القراءة إلى الميت على قولين : أرجحهما أن ذلك لا يصل لعدم الدليل ، والعبادات توقيفية ليست بالرأي والاستحسان ولا بالقياس ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد فالأرجح أنه لا تشرع الصلاة عن الميت ، ولا الطواف عن الميت ، ولا القراءة عنه ، بل تدعو له في صلاتك ، في طوافك ، في قراءتك تدعو لأبيك وأمك ، لأمواتك ، هذا طيب إذا كانوا مسلمين ، أما الصدقة عن والديك فهذا أمر مشروع ينفعهما ، وينفع غيرهما أيضا من أقاربك والمسلمين جمعيا ، هكذا الدعاء لوالديك ولغيرهم نافع ومفيد ، كما قال الله سبحانه عن الصالحين إنهم يقولون في دعواتهم : ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف هذا من دعوات الأخيار لسلفهم الصالح ومن ذلك أيضا الحج عن الميت والعاجز ، والعمرة كذلك فإنها تنفع الميت ، (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 200) وهكذا العاجز وكبير السن ، العاجز عن العمرة ، والحج إذا حج عنه ولده أو غيره نفعه ذلك ، لما جاء في الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك ، ومما يلتحق بهذا الإشارة إلى ما يفعله بعض الناس من العمرة عن أمواتهم وهم في مكة ، أو عن نفسه وهو مقيم في مكة كالذي جاء للحج ، أو من أهل مكة ويأخذ عمرة من الحل ، قد ذهب بعض أهل العلم إلى عدم شرعية ذلك ، وقالوا : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك حينما كان بمكة بعد الفتح ، وذهب الجمهور إلى أنه لا بأس بذلك ، وأنه مشروع واحتجوا على هذا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة رضي الله عنها وكانت في مكة يوم حجة الوداع أعمرها من التنعيم ، وأمر عبد الرحمن أخاها أن يخرج معها ، فأدت عمرة من التنعيم ، وهي في ذلك الوقت في مكة ، فدل ذلك أنه لا حرج في الخروج من مكة إلى الحل لأداء العمرة فكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك لا يدل على عدم شرعية ذلك ، لأنه قد يدع الشيء لأسباب كثيرة عليه الصلاة والسلام ومنها أنه يدعه لئلا يشق على أمته عليه الصلاة والسلام ، كما كان عليه الصلاة والسلام لا يواظب على صلاة الضحى مع أنه أوصى بذلك أبا هريرة وأبا الدرداء وأوصاهما بصلاة الضحى دائما ، فصلاة الضحى دائما سنة مؤكدة ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أوصى بها ، وإن كان لا يداوم عليها ، كما أخبرت بذلك عائشة - رضي الله عنها - عنه (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 201) عليه الصلاة والسلام فالمقصود أنه قد يدع الشيء وهو مستحب لئلا يشق على أمته ، أو لأسباب أخرى عليه الصلاة والسلام وقد أخبر عليه الصلاة والسلام : إن أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ومع هذا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا ، فالقول غير الفعل ، والتشريع القولي مقدم على التشريع الفعلي ، وقد أمر عائشة بالقول عليه الصلاة والسلام أن تخرج للحل فتعتمر ، فدل ذلك على أنه لا حرج ولا بأس في حق من خرج من مكة لأخذ عمرة عن نفسه أو عن أمواته ، أو عن العاجزين من قراباته أو غيرهم ، كل ذلك لا بأس به ، وحديث عائشة حجة قائمة ، وهو متفق على صحته نسأل الله التوفيق .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: