الزيارة البدعية والشرعية للقبور

س : بعض الناس عندنا يؤكدون بأن زيارة قبور المشايخ حلال ، وليس فيها شيء من البدعة ، وأقصد بقبور المشايخ الشيخ البدوي ، والإمام الحسين والعباس والسيدة زينب ، والشيخ عبد القادر الجيلاني ، وغيرهم ، وليس هذا فحسب بل إنهم يروجون بعض الحكايات عن الإمام الحسين بأنه يرد السلام بصوت جهوري ، ويعتذر عندما لا يرد السلام ، ويبين السبب الذي غالبا ما يكون باجتماعه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والناس عندنا يصدقون ذلك ، وينساقون وراء زيارتهم والتبرك بهم ، ونريد إلى جانب الإجابة على سؤالنا ، (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 484)  وهو موقف الإسلام من زيارة قبور المشايخ والصالحين كلمة توجيهية لمن يقومون بزيارة هذه القبور ويتبركون بأصحابها ، جزاكم الله خيرا

ج : زيارة القبور زيارتان : زيارة بدعية ، وزيارة شرعية ، أما زيارة القبور للدعاء للميت والترحم عليه ، وذكر الآخرة ، فهذا شيء مشروع ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة كان النبي يزور البقيع - عليه الصلاة والسلام - ، ويزور الشهداء ويدعو لهم ، فزيارة المشايخ من العلماء والأخيار أو عموم المسلمين ، زيارة القبور للدعاء لهم والترحم عليهم وذكر الآخرة أمر مشروع؛ لأن الإنسان إذا زار القبور يذكر الموت ، يذكر الآخرة ، ويحصل له بذلك إعداد للآخرة ، ونشاط في الخير والعمل الصالح ، ولا فرق في ذلك بين زيارة قبور العلماء أو عامة الناس ، فإذا زار قبر الحسين أو قبر البدوي أو السيدة زينب أو غير ذلك للذكرى ، للآخرة والدعاء لهم والترحم عليهم هذا من الزيارة الشرعية . أما الزيارة الثانية البدعية فهي التي تقع من أجل التبرك بالميت ، والتمسح بقبره أو الطواف بقبره ، أو الاستغاثة به ، بأن يقول : يا سيدي المدد المدد ، أو : الشفاعة الشفاعة ، أو : الغوث الغوث . هذه زيارة بدعية (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 485) منكرة ، بل شركية ، إذا كان فيها دعاء واستغاثة صار فيها شرك أكبر ، هذا دين المشركين ، دين أبي جهل وأشباهه مع اللات والعزى ومناة ، يدعونهم ويستغيثون بهم ، هذا الشرك الأكبر ، والذين يزورون الحسين ويدعونه مع الله ، ويستغيثون به أو ينذرون له أو يطلبون المدد ، أو البدوي أو العباس أو زينب أو غير ذلك ، هذا كله شرك أكبر ، والذين يسمعون منه الصوت ليس صوت الحسين ولا صوت البدوي ولا غيره ، ولكنه صوت الشياطين يدعونهم إلى الغلو في هؤلاء ، يسمعون أصواتا من الشياطين الذين يدعون إلى الشر ، شياطين الجن التي تدعو إلى الشرك بالله ، وعبادة غير الله ، فرد السلام من ميت ليس معناه أنه يسمع ، وفي رده خلاف بين أهل العلم ، منهم من أثبت رده ، ولكنه شيء لا يسمع ، ومنهم من نفى ذلك ، فقد صح عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام وفي الحديث الآخر : إن لله ملائكة يبلغوني من أمتي السلام - عليه الصلاة والسلام ، وهو يرد عليهم وإن لم يسمعوه ، وهكذا الميت ، جاء في بعض الروايات : أن العبد إذا زار الميت الذي يعرفه في الدنيا فسلم عليه رد (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 486) عليه السلام لكن ليس معناه أنه يسمع صوته ، وإنما الروح ترد السلام ، والجسد قد فني وأتى عليه البلى ، أو أتى على بعضه البلى ، إنما هي الأرواح ، فرد السلام ليس يسمع من الميت ، ورد السلام أيضا لا يوجب دعاءه والاستغاثة به ، فإذا رد السلام أو ما رد السلام هذا لا يتعلق به حكم شرعي ، فإنما الحكم يتعلق بدعاء الميت والاستغاثة بالميت ، هذا شرك أكبر ، وطلبه المدد أو العون أو الشفاعة هذا من الشرك الأكبر ، حتى ولو رد السلام ، حتى لو قدرنا أنه إذا سمع رد السلام ، لا يجوز لك أن تدعوه من دون الله ، ولا أن تستغيث به ، ولا أن تنذر له ، ولا أن تطلبه المدد والعون ، كل هذا عبادة لغير الله من الأموات أو من الأصنام أو من الأشجار أو الأحجار ، كل هذا لا يجوز ، وهذا هو عمل المشركين الأولين ، فالواجب الحذر من ذلك ، وهكذا التبرك بالقبور ، بترابها وأحجارها وشبكها ، لا يجوز ، إذا أراد بهذا طلب البركة منهم وأنهم يعطونه بركة صار هذا نوعا من عبادتهم من دون الله ، وإنما الزيارة لذكر الآخرة ، والترحم على الميت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة فالمؤمن يزورها ليتذكر الآخرة ، ويدعو لهم ؛ لأنهم هم في حاجة للدعاء ، يدعو لهم ويترحم عليهم ، يسأل الله (الجزء رقم : 14، الصفحة رقم: 487) لهم المغفرة والرحمة والعفو ، هكذا الزيارة الشرعية . ويجب على كل من يدعي الإسلام أن يحذر ما ينقض إسلامه ، ويفسد عليه إسلامه من الشرك بالله عز وجل ، ويجب على الجاهل أن يسأل أهل العلم ويبصروه ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، أسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ويقول عند زيارة أهل البقيع : اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد يدعو لهم ويترحم عليهم ، هذه الزيارة الشرعية . فالواجب على كل مسلم أن يلتزم بهذه الزيارة الشرعية ، وأن يحذر الزيارات البدعية والشركية التي يفعلها الجهال مع كثير من القبور ، والله المستعان .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: