ج : نعم صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى الظهر والعصر جميعا في المدينة ، والمغرب والعشاء جميعا في المدينة من غير خوف ولا مطر ولا سفر لكن لم يحفظ هذا عنه إلا مرة واحدة عليه الصلاة والسلام لا أربعين . فالقول بأنه فعلها أربعين هذا باطل لا أساس له من الصحة ، وإنما المحفوظ أنه فعل هذا مرة واحدة ، قال بعض أهل العلم : لعله كان لوجود دحض في الأسواق من آثار المطر ، أو لوجود مرض عام ووباء عام ، أو لأسباب أخرى . قال ابن العباس : لئلا يحرج أمته ويحملها المشقة عنهم . فإذا حصل ما يشق عليهم من مرض ، أو دحض - هو آثار المطر في الأسواق - أو ما أشبه ذلك مما فيه مشقة جاز هذا الجمع ، أما من غير عذر فالواجب ألا يفعل ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت في المدينة للناس ، ووقتها له جبريل في مكة عليه الصلاة والسلام . وقال صلى الله عليه وسلم : الصلاة فيما بين هذين الوقتين (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 95) وكان يصلي الظهر في وقتها ، والعصر في وقتها ، والمغرب في وقتها ، والعشاء في وقتها ، هذا هو المحفوظ عنه في المدينة عليه الصلاة والسلام ، فالواجب على المسلمين أن يصلوا كل صلاة في وقتها ، وألا يجمعوا إلا من عذر شرعي ، وهذه المرة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم محمولة على أنها كانت لعذر شرعي أراد به دفع الحرج عن أمته عليه الصلاة والسلام بسبب ذلك العذر الذي لم يذكر في الحديث ، والواجب على الأمة أن تأخذ بالأمور المحكمة الواضحة ، وأن تدع المشتبهات ، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم : فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه . فلا يجوز للمؤمن أن يأخذ بالمتشابه الذي ليس فيه وضوح ، ويدع المحكم الواضح البين الذي هو صلاته ، كل صلاة صلاها في وقتها في حياته صلى الله عليه وسلم في المدينة مدة عشر سنين عليه الصلاة والسلام ، وقد وضح للأمة ذلك ، وقال : الصلاة بين هذين الوقتين وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي فلا يجوز أن نأخذ بشيء لم يتضح سببه يخالف الأحاديث الصحيحة والعمل المستمر في حياته صلى الله عليه (الجزء رقم : 13، الصفحة رقم: 96) وسلم ، بل هذا من اتباع المتشابه الذي لا يجوز لأهل الإيمان ، فإذا وجدت علة تسوغ الجمع فلا بأس كالمرض والمطر والسفر ونحو ذلك ، فلا بأس بذلك كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام في أسفاره ، ورخص للمستحاضة أن تجمع لعذرها ، والمريض كذلك معذور ، فلا بأس بذلك للعذر الشرعي .