ج : قد سبق لنا أن تكلمنا على صفة صلاة النبي عليه الصلاة والسلام ، تحقيقا لما سأل عنه السائل المذكور ، وانتهينا إلى ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم بعد رفعه من الركوع ، وما كان يقوله عليه الصلاة والسلام ، وانتهينا إلى أن المأموم إذا رفع يقول : ربنا ولك الحمد . ولا يزيد : سمع الله لمن حمده . هذا هو المختار ، هذا هو الأرجح ، ويكمل الحمد ، فيقول : حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما بينهما ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد إن تيسر له ذلك ، فإن كبر الإمام تابعه وترك البقية ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : وإذا ركع فاركعوا ثم بعد ذلك الإمام والمنفرد والمأموم إذا فرغوا من هذا القيام ، ومن ذكر هذا القيام يخرون سجدا ، فيكبر كل منهم عند السجود ، يقول : الله أكبر . الإمام والمأموم والمنفرد عند السجود ، بعد القيام بعد الركوع ، وذكر القيام الذي تقدم بعد ذلك ، يخر الإمام ساجدا ، (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 81) وهكذا المأموم وهكذا المنفرد ، لكن المأموم يخر بعد إمامه ، فإذا انتهى إمامه ساجدا سجد بعده ، قائلا كل منهم : الله أكبر . عند سجوده من دون رفع اليدين ، ليس في هذا رفع لليدين ، بل يخر كل منهم ساجدا من دون رفع اليدين ، كما فعل عليه الصلاة والسلام ، ويقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى . كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام : سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى . والواجب مرة واحدة ، وهكذا في الركوع الواجب مرة : سبحان ربي العظيم . فإذا كرر ثلاثا فهو قد أدى الكمال والمستحب ، وإن زاد خمسا أو سبعا أو عشرا كله مستحب ، والإمام يراعي عدم المشقة على الناس ، والمأموم تبع لإمامه ، والمنفرد لا حرج عليه في الزيادة التي لا تشق عليه ، ولا تسبب له نعاسا أو أفكارا لا تناسب ، ويستحب للإمام والمنفرد والمأموم أن يقولوا في السجود : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي . كالركوع ؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ويكثر من الدعاء أيضا في السجود ، يقول عليه الصلاة والسلام : أما الركوع فعظموا فيه الرب ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 82) أن يستجاب لكم يعني : حري أن يستجاب لكم . ويقول عليه الصلاة والسلام : أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء فيشرع للمؤمن والمؤمنة في السجود الإكثار من الدعاء ، سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا ، يدعو بما تيسر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك : اللهم اغفر لي ذنبي كله ؛ دقه وجله ، وأوله وآخره ، وعلانيته وسره هذا من دعائه عليه الصلاة والسلام ، ومن الدعاء الذي يحسن في هذا المقام ما ثبت في الصحيحين عن الصديق رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول في صلاته : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم هذا من أفضل الدعاء في الجلوس بين السجدتين وفي آخر الصلاة ، وفي غير الصلاة . الصديق سأل النبي قال : يا رسول الله ، علمني دعاء أدعو به في صلاتي . وفي (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 83) رواية : وفي بيتي . قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني ؛ إنك أنت الغفور الرحيم ، فإذا دعا بهذا في السجود أو بين السجدتين ، أو في آخر الصلاة فكله حسن ، ومن الدعاء أيضا الحسن في هذا المقام : اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك و : يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة ، كان هذا من دعائه المعروف ، اللهم صل عليه وسلم ، فإذا دعا به الإنسان في السجود ، أو في آخر الصلاة ، وهكذا في خارجها هو دعاء عظيم ، والعبد في أشد الحاجة إليه ، ويدعو الإنسان بما يتيسر له من الدعوات الطيبة ، حتى يرفع إمامه إن كان مأموما ، والإمام يدعو على وجه لا يشق على المأمومين ، والمنفرد كذلك ، والسنة للساجد أن يجافي عضديه عن جنبيه ، وبطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، يكون معتدلا في السجود ويرفع ذراعيه عن الأرض ، يعتمد على (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 84) كفيه ، يبسط كفه في الأرض ، يمد أصابعه إلى جهة القبلة ضاما بعضها إلى بعض ، رافعا ذراعيه مفرجا عضده عن جنبه ، رافعا بطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، هكذا السنة ، معتمدا على بطون الأصابع ، أصابع رجليه ، مادا الأصابع إلى جهة القبلة ، هكذا كان يسجد النبي عليه الصلاة والسلام ، والواجب عليه أن يسجد على الأعظم السبعة ، يعني على وجهه وكفيه وركبتيه وقدميه ، هذا ركن لا بد منه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أسجد على سبعة أعظم قال : الجبهة - وأشار إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين فلا بد من هذا في السجود للرجل والمرأة ، للإمام والمأموم والمنفرد جميعا ، أما كيف ينحط للسجود فقد جاء في هذا سنتان عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ إحداهما : أنه ينحط على ركبتيه ، ثم يضع يديه ثم جبهته وأنفه في الأرض هذا جاء من حديث وائل بن حجر عند أهل السنن بإسناد (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 85) حسن ، وله شاهد من حديث أنس ، وله شاهد من حديث أبي هريرة في النوع الثاني . والنوع الثاني : أنه ينحط على يديه أولا ، ثم ركبتيه بعد ذلك ، وهذا جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير ، وليضع يديه قبل ركبتيه قال جماعة من العلماء : معناه أنه يبدأ بيديه ؛ لأن البعير يبدأ بركبتيه وهي في يديه ، فهذه سنة ، وهذه سنة ، ولا مشاحة في ذلك ، إن سجد على ركبتيه فحسن ، وإن سجد على يديه فحسن ؛ لمجيء الحديثين بذلك ، لكن الأظهر والأقرب أن الأفضل السجود على ركبتيه ، ثم يديه فجبهته وأنفه ، هذا هو الأفضل والأقرب ، وهو المخالف لأيادي البعير ، وهو الموافق لأول الحديث ، أي : لا يبرك كما يبرك البعير . . . الحديث ؛ لأن بروك البعير يبرك على يديه ، إذا قدم المؤمن يديه فقد شابه البعير ، فالأفضل أن يقدم ركبتيه التي في رجليه ، ثم يديه ثم جبهته وأنفه ، هذا هو الأفضل ، وهذا هو الأرجح في السنتين ، وأما القول في حديث أبي هريرة ، وليضع يديه قبل ركبتيه هذا صريح ، لكن قال بعض أهل العلم : لعله (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 86) وقع فيه انقلاب ، وأن الصواب : وليضع ركبتيه قبل يديه . فانقلب على بعض الرواة ، وهو محتمل ؛ لأن آخره لا يوافق صدر الحديث ، العجز لا يوافق الصدر ، فإن في الصدر : لا يبرك كما يبرك البعير والبعير يبرك على يديه ، وقوله : وليضع يديه قبل ركبتيه في آخره مخالفة صدر الحديث ، فيظهر من هذا أن الحديث فيه انقلاب ، وهو أن الصواب : وليضع ركبتيه قبل يديه . فيكون بهذا موافقا لحديث وائل ، وينتهي الخلاف والإشكال ، وبكل حال فالحمد لله الأمر واسع ، إن سجد على ركبتيه كما دل عليه حديث وائل فحسن ، وإن سجد على يديه فالأمر واسع في ذلك ، والحمد لله ، ولا ينبغي في هذا المشاحة والمشاقة والنزاع ، ولكن الأفضل والأرجح والأقرب أنه يسجد على ركبتيه ، ثم يديه ثم جبهته وأنفه على حديث وائل ، والأقرب والأظهر أن حديث أبي هريرة لا يخالف حديث وائل ، ولكنه يوافقه في المعنى ، ولكن حصل في عجزه انقلاب ، ويظهر أن الحديث : وليضع ركبتيه قبل يديه . وبهذا يجتمع الحديثان ، وهذا أظهر قولي العلماء في الموضوع . (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 87) ثم يرفع من السجود جالسا على رجله اليسرى ناصبا رجله اليمنى بين السجدتين ، ويقول : رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، اللهم اغفر لي ، اللهم اغفر لي ، وارحمني واهدني واجبرني وارزقني . يدعو بما تيسر ، ومن ذلك : رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني ، واجبرني وارزقني كما جاء في الأحاديث ، يفرش اليسرى ويجلس عليها ، وينصب اليمنى ، هذا هو الأفضل ، وكيف ما قعد أجزأ ، وإن جلس على عقبيه بأن فرش رجليه وجلس على عقبيه فلا بأس ، كما جاء في حديث ابن عباس ، وهذا إقعاء لا بأس بالجلوس عليه ، هو إقعاء خاص وهو الجلوس على العقبين ، ولكن الأفضل وهو الذي جاء في الأحاديث الكثيرة ، أنه يفرش اليسرى ويجلس عليها ، وينصب اليمنى هذا هو الأفضل ، ويضع يديه على فخذيه وأطرافهما على ركبتيه ، يقول : رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني ، كيفما دعا بالمغفرة جاز : اللهم اغفر لي ولوالدي ، اللهم اغفر لي وللمسلمين ، اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا . إلى آخره . كان النبي يطيل هذه الجلسة كما كان يطيل ما بعد الركوع ، عليه الصلاة (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 88) والسلام ، حتى يقول القائل : قد نسي . ولكن يلاحظ الإمام أن لا يشق على الناس ، لكن لا ينبغي أن يفعل مثل بعض الناس من جهة العجلة ، بعض الناس يعجل ولا يستقر بعد الركوع ، ولا بين السجدتين ، هذا غلط ، المشروع أن يطمئن ولا يعجل بين السجدتين ، وبعد الركوع حال قيامه بعد الركوع ، اقتداء بالمصطفى عليه الصلاة والسلام ، متأسيا به عليه الصلاة والسلام ، ثم يسجد الثانية قائلا : الله أكبر . من دون رفع اليدين في السجود ، فيسجد كما سجد في الأولى ، ويضع يديه حيال منكبيه ، أو حيال أذنيه ، مادا أصابعهما إلى القبلة ، ضاما بعضها إلى بعض ، رافعا بطنه عن فخذيه ، وفخذيه عن ساقيه ، ومجافيا عضديه عن جنبيه كما تقدم ، في هذه السجدة كالتي قبلها ويقول : سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى . ويدعو بما تيسر في سجوده كما تقدم ، وناسب هنا : ربي الأعلى ؛ لأنه حال خضوع وذل وتسفل ، حتى وضع وجهه على الأرض ، فناسب أن يقول : سبحان ربي الأعلى . الذي فوق العرش سبحانه وتعالى ، فوق جميع الخلق ، وهو فوق العرش ، وعلمه في كل مكان سبحانه وتعالى ، وهو في جهة العلو عند أهل السنة والجماعة ، فوق جميع الخلق ، كما قال سبحانه : (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 89) الرحمن على العرش استوى ، وقال سبحانه وتعالى : وهو العلي العظيم ، وقال : فالحكم لله العلي الكبير ، وقال : يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي وقال : بل رفعه الله إليه في آيات كثيرة ، كلها دالة على علوه سبحانه وتعالى فوق جميع الخلق فوق العرش ، وأنه استوى عليه استواء يليق بجلاله وعظمته ، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته ، والاستواء هو العلو والارتفاع ، وعند أهل السنة أنه استواء يليق بالله ، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته ، كما قال عز وجل : ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، وقال : ولم يكن له كفوا أحد ، وفي الركوع يقول : سبحان ربي العظيم ، لما كان الركوع حال ذل وخضوع ، ناسب أن يقول : سبحان ربي العظيم ، الذي هو أعظم شيء (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 90) سبحانه وتعالى ، هو العزيز ، هو الجبار ، هو العظيم ، هو القدوس ، فناسب في الركوع أن يقول : سبحان ربي العظيم ، تنزيه لربه عن الذل ، وأنه العزيز الذي لا أعز منه سبحانه وتعالى ، العظيم الذي لا أعظم منه ، وفي السجود يقول : سبحان ربي الأعلى ؛ لأنه العالي فوق جميع الخلق سبحانه وتعالى ، ثم يرفع إلى الركعة الثانية ، ويفعل كما فعل في الأولى كما تقدم ، لكن ليس فيها استفتاح ، والاستفتاح في الأولى فقط ، أما هذه فيرفع ثم يقرأ الفاتحة ، يسمي الله ويقرأ الفاتحة ، وإن تعوذ فلا بأس ، والاستعاذة الأولى كافية ، لكن إن أعاد الاستعاذة فلا بأس ، ثم يسمي ويقرأ الفاتحة ، ثم يقرأ سورة أو آيات دون الأولى كما تقدم ، ثم يركع كما ركع في الأولى ، ويرفع كما رفع في الأولى كما تقدم ، ثم يجلس ، ثم يسجد سجدتين كما تقدم ، ثم يجلس للتشهد الأول على رجله اليسرى ، ينصب اليمنى مثل جلوسه بين السجدتين ، ويقرأ التحيات : التحيات لله والصلوات الطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وإن قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، فلا بأس ، جاء هذا وهذا ، جاء ذكر : وحده لا شريك له ، وجاء أحدها : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 91) محمدا عبده ورسوله ، فإن شاء رفع ، وإن صلى على النبي فهو أفضل ، يصلي على النبي ، ثم يرفع للثالثة ؛ لأن الأحاديث عامة في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعض أهل العلم قال : يكتفي بالشهادة ويقوم ، ولكن الأفضل أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ثم يرفع قائلا : الله أكبر ويرفع يديه مثل ما رفع عند الإحرام ، وعند الركوع والرفع منه ، يرفع يديه قائلا : الله أكبر ، إلى الثالثة ، ثم بعد استتمامه قائما يقرأ الفاتحة وحدها ثم يركع ، كما فعل في السابق ، ثم يسجد كما فعل في السابق ، هكذا ، وهكذا في الرابعة من الظهر والعصر والعشاء ، وفي الثالثة في المغرب ، يقرأ الفاتحة ويركع كما تقدم ، ويقول في الركوع كما تقدم ، ويرفع كما تقدم ، ويقول في الرفع كما تقدم ، ويسجد كما تقدم ، ويقول في السجود كما تقدم ، سواء بسواء ، لكن في الظهر والعصر والعشاء ركعتين ، بعد التشهد الأول ، وفي المغرب ركعة (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 92) واحدة ، وفي الفجر الصلاة ركعتان فقط ، ليس فيها التشهد الأول أو الآخر ، بل ليس فيها إلا تشهد واحد : الفجر والجمعة والعيد والاستسقاء ، كل منها ركعتان ليس فيها إلا تشهد واحد ، يأتي بالتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يدعو ، وهكذا في التشهد الأخير في المغرب والعشاء والظهر والعصر ، يأتي بالتحيات كما تقدم ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، كما تقدم ، ثم يدعو ، يتعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال كما جاء به الخبر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعل ذلك ، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر بذلك أيضا ، فقول : أعوذ بالله من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال . ويدعو بما أحب ، ومنها : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ، اللهم إني أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا ، وأعوذ بك من عذاب القبر . كل هذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة ، وعلم النبي معاذا أن يقول : (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 93) اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك لما قال : يا معاذ ، إني لأحبك يقول له صلى الله عليه وسلم : يا معاذ ، إني لأحبك ، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك . ويستحب هذه الأدعية في آخر الصلاة لكل مصل ، مأموم أو إمام أو منفرد ، رجل أو امرأة هذا المشروع ، والواجب قراءة التحيات مع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا هو الواجب ، هذا الفرض هذا الركن ، وما زاد فهو سنة مستحب ، وبعض أهل العلم أوجب التعوذ بالله من أربع ، لكن الذي عليه جمهور أهل العلم أنها سنة ، ولكن ينبغي أن لا يدعها ، ينبغي للمسلم وللمسلمة أن لا يدع هذه التعوذات الأربع : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال ؛ لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام أمر بها ، وكان يفعلها بنفسه عليه الصلاة والسلام ، يقول : (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 94) صلوا كما رأيتموني أصلي فالأولى بالمؤمن وبالمؤمنة أن لا يدع كل منهما هذه الدعوات الطيبة ، ويدعو معها بما تيسر من الدعوات ، ويداه على فخذيه وأطرافها على ركبتيه ، ويؤشر بالسبابة في التشهد الأول والثاني ، يرفع السبابة ويقبض الجميع إشارة للتوحيد ، وإن حلق الإبهام مع الوسطى ، وقبض الخنصر والبنصر ، ورفع السبابة فكله حسن ، هذا سنة وهذا سنة ، وعند الدعاء يحرك سبابته قليلا عند الدعاء ، هذا جاءت به السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ثم يسلم عن يمينه وشماله تسليمتين : السلام عليكم ورحمة الله - هذا المحفوظ - السلام عليكم ورحمة الله . ورد في بعض الروايات : وبركاته . لكن اختلف العلماء في صحتها ، فالأولى والأفضل أن يقتصر على : السلام عليكم ورحمة الله ، فقط ، هذا هو المحفوظ من حديث ابن مسعود ، ومن حديث جابر بن سمرة ، وأحاديث أخرى فيها الدلالة على أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله يلتفت يمينا (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 95) وشمالا ويبالغ في السلام ، يبالغ في الالتفات ، هذا هو الأفضل ، ثم يقول بعد السلام : أستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله . ثلاث مرات ، ثم يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام . ثبت هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، أنه كان يقوله إذا سلم ثم ينصرف إلى الناس ، يعطيهم وجهه إذا كان إماما ، وإذا أعطاهم وجهه يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، له النعمة وله الفضل ، وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد . يقوله الإمام والمأموم والمنفرد ، ويستحب للجميع أيضا أن يأتوا بالتسبيح والتحميد والتكبير ثلاثا وثلاثين مرة : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ثلاثا وثلاثين مرة ، ويختم المائة بقوله : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . ويستحب مع هذا أن يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة ، و ( قل هو الله أحد ) والمعوذتين : ( قل أعوذ برب الفلق ) ، و ( قل أعوذ برب الناس ) مرة واحد ، بعد الظهر والعصر والعشاء ، وثلاث مرات بعد المغرب والفجر ، وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه ، وأن يوفق (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 96) جميع المسلمين بالأخذ بالسنة ، والاستقامة عليها والسير عليها ، والتواصي بها ، إنه سميع مجيب .