صلاة المسبل إزاره

س: ما حكم صلاة المسبل إزاره؟ مع الدليل، جزاكم الله خيرا .

ج: الإسبال محرم لا يجوز، وهو كون الملابس تنزل عن الكعب سواء كان اللباس سراويل أو إزارا أو قميصا أو بشتا أو غير ذلك، هذا في حق الرجل لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار أخرجه البخاري في صحيحه، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 247) القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، قال أبو ذر : خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أخرجه مسلم في الصحيح. وإذا كان مع الكبر صار الإثم أكبر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فمع الكبر يكون الإثم أكبر، ومن دون كبر بل تساهل يكون إثما ولا يجوز على الصحيح، ولكن لا يكون مثل من جره خيلاء، الإثم أقل، والغالب أنه يجره خيلاء، حتى ولو ما جره خيلاء فالغالب أنه يجره لذلك، إذا تساهل فيه جره ذلك إلى التكبر والتعاظم، ثم هو أيضا إسراف في الملابس وتعريض لها للنجاسات والأوساخ، فذلك لا يجوز مطلقا، أما المرأة فلا حرج أن ترخي ثوبها شبرا أو ذراعا؛ لأنها بهذا (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 248) تستر قدميها، والصلاة صحيحة مع الإثم؛ لأن الرسول ما أمر المسبل أن يعيد صلاته، بل الصلاة صحيحة، وهكذا كل ما يتعلق بالمعاصي التي يفعلها الإنسان في ثوب أو غيره لكون الثوب من حرام أو مغصوب أو فيه إسبال، الصلاة صحيحة لكن مع الإثم، أو الصلاة في أرض مغصوبة هذا الصواب من أقوال العلماء، بعض أهل العلم يرى أن الصلاة غير صحيحة في كل شيء مغصوب، والمسبل، ولكن الصواب أنه لا تعاد الصلاة، الصلاة صحيحة؛ لأن هذا النهي ليس خاصا بالصلاة بل هو عام، ليس له اسم في الصلاة ولا في خارجها، الصلاة تبطل بالشيء الذي يخصها، مثل ثوب نجس يبطل الصلاة؛ لأنه خاص بالصلاة، مثل كشف العورة، وأشباه ذلك الشيء الذي هو خاص بالصلاة، يبطلها إذا كان كشف عورته تعمدا، أو صلى في ثوب نجس؛ لأن هذا يبطل الصلاة، ومثل التكلم فيها، ومثل الانحراف عن القبلة. س: مما لا شك فيه -يا سماحة الشيخ- أن المسلمين في رخاء اليوم لا مثيل له، ويظهر كثير من المسلمين هذه النعمة بإسبال الملابس من ثياب وبشوت، فهل هذا العمل موافق للصواب، وقد يظهر هذا واضحا في كثير من المصلين بحيث يمتد ثوب أحدهم خلفه، فما حكم الإسبال في الصلاة خاصة أو في (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 249) غيرها بصفة عامة؟ ج: الإسبال من المحرمات العظيمة، ومن كبائر الذنوب سواء كان في الإزار أو في السراويل أو في القميص أو في العمامة أو في البشت، ذلك محرم في حق الرجل، أما المرأة فلها أن تسبل، ترخي ثيابها على أقدامها؛ لأنها عورة لا لكبر بل للستر، وأما الرجل فيلزمه رفع ثيابه فوق الكعب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار رواه البخاري في الصحيح. وقال عليه الصلاة والسلام: ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف يعني الكاذب، هذا يدل على أن هذا من الكبائر، وأن الواجب على المسلم أن يرفع ثيابه وملابسه كلها من البشت والسراويل والإزار، يرفعها فوق الكعب، لا تنزل عن الكعب، بل من نصف الساق إلى الكعب كما جاء في حديث جابر بن سليم وغيره: إزارة المؤمن إلى نصف الساق، ولا حرج -أو لا (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 250) جناح- فيما بينه وبين الكعبين هذا محل الملابس من نصف الساق إلى الكعب، أما إنزال الملابس تحت الكعبين فهذا لا يجوز، بل يجب الحذر من ذلك، وإذا كان عن الخيلاء والتكبر صار أعظم، بل إثمه كبير، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة وقال عليه الصلاة والسلام: لا ينظر الله إلى من جر ثوبه بطرا فمن يرخي ثيابه ويسحبها، وينزلها تحت الكعبين على حالين: أحدهما: أن يفعل ذلك تكبرا وتعاظما وخيلاء، فهذا وعيده شديد وإثمه أكبر. الحال الثاني: أن يرخيها تساهلا بغير قصد الكبر بل للتساهل، فهذا أيضا محرم ومنكر، وتعمه الأحاديث الصحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا يستثنى من ذلك شيء إلا من يغلبه الأمر بأن كان إزاره يرتخي من غير قصد، ثم يلاحظه ويرفعه فهذا معفو عنه، كما جاء (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 251) في قصة أبي بكر رضي الله عنه قال : يا رسول الله ، إن إزاري يرتخي قال : لست ممن يصنعه خيلاء لأن أبا بكر كان يعتني به ويلاحظه ، أما هؤلاء الذين يجرون ثيابهم فتعمهم الأحاديث إذا أرخى قميصه وأرخى سراويله وأرخى إزاره أو بشته ؛ تعمهم الأحاديث ، وقول من قال إنه من غير تكبر يكون مكروها قول ضعيف بل باطل مخالف للأحاديث الصحيحة ، فإخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن جر ثوبه بطرا أن الله لا ينظر إليه لا يدل على إباحة ما سوى ذلك ، بل يدل على أن هذا متوعد بوعيد خاص وعظيم إذا جره بطرا ، والباقون الذين يسحبون ثيابهم وبشوتهم لهم وعيد آخر بأن الله لا يكلمهم ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، فيجب على المؤمن أن يحذر ذلك وألا يتساهل في هذه الأخلاق الذميمة ، بل يرفع ثيابه في الصلاة وخارجها ، لا ينزلها عن الكعب أبدا ، بل يجب عليه أن تكون ثيابه مرتفعة لا تنزل عن الكعب أبدا إلى نصف الساق فأقل ، وفي حديث جابر بن سليم قال النبي صلى الله عليه وسلم : وإياك وإسبال الإزار (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 252) فإنها من المخيلة ، وإن الله لا يحب المخيلة يعني الخيلاء الكبر ، فوجب على المؤمن أن يحذر هذا الخلق الذميم وألا يتساهل ، بل تكون ملابسه تنتهي إلى الكعب ولا تنزل عنه أي ملبس كان من ثوب أو قميص أو إزار أو سراويل أو بشت ، هكذا يجب على المسلمين جميعا ، ولا يجوز التساهل في هذا الأمر ، وإذا كان الإسبال في الصلاة ففيه وعيد خاص أيضا ؛ يروى عنه عليه السلام أنه قال لما رأى مسبلا يجر ثيابه في الصلاة أمره أن يعيد الوضوء يتوضأ مرتين أو ثلاثا ، ولم يأمره بقضاء الصلاة ، فسئل عن ذلك فقال : وإن الله تعالى لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره أو كما قال عليه الصلاة والسلام ، وجاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عمن أسبل في الصلاة ، قال : ليس من الله في حل ولا حرام فالحاصل أن الإسبال في الصلاة يكون أشد وأقبح ، فيجب الحذر من الإسبال في الصلاة والإسبال في غيرها ؛ أما الصلاة فصحيحة لأن الرسول ما أمر بالإعادة ، لكنه قد أتى منكرا (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 253) وأتى سيئة قبيحة ، فوجب على المسلم أن يحذر ذلك وألا يسبل لا في الصلاة ولا في خارجها ، بل تكون ثيابه معتدلة ومرتفعة عن الكعبين؛ يعني الحد الكعبين ، فأرفع إلى نصف الساق ، هذا هو المشروع وهذا هو الواجب ، ولا يجوز النزول للملابس عن الكعبين كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار وهذا وعيد عظيم ، رواه البخاري - في الصحيح - رحمه الله ، والأحاديث الأخرى في معناه ، والله المستعان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، ونسأل الله أن يهدي المسلمين ويبصرهم بما يرضي الله عنهم وأن يعينهم على ذلك . س : يسأل المستمع ويقول : هل الصلاة تقبل للذي ثوبه مسبل ؟ ج : لا يجوز الإسبال ، والصلاة صحيحة لكن هو على خطر ، هو على خطر من عدم القبول ، هو خطر على الإثم ، لا يجوز أن يصلي مسبلا ولا يجوز أن يسبل ولو ما صلى ، ولو في طريقه إلى بيته أو إلى السوق أو في أي مكان ، الإسبال محرم مطلقا ، لا يجوز الصلاة فيه ولا فعله ، والإسبال هو كون الثوب يتجاوز الكعبين ، السراويل أو الإزار أو (الجزء رقم : 9، الصفحة رقم: 254) القميص أو البشت ، هذا يسمى إسبالا ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : ما أسفل من الكعبين ففي النار فلا يجوز له أن يسبل ولو في غير الصلاة ، لكن لو صلى مسبلا صلاته صحيحة ولكن مع الإثم . س : هذا السائل أ . أ يقول في سؤاله : هل الصلاة تقبل من الذي ثوبه مسبل ؟ ج : هو على خطر من ذلك ، لكن تصح ، تجزئه؛ لأن الرسول ما أمره بالإعادة ، إذا صلى وهو مسبل فصلاته ناقصة ، ولكن لا يجوز له الإسبال لا في الصلاة ولا في خارجها .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: