ج: الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم بالحج كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحج عرفة فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج، وزمن الوقوف ما بين زوال الشمس يوم عرفة يوم (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 394) التاسع إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا هو وقت الوقوف عند أهل العلم، ما بين الزوال يوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة إلى طلوع الفجر من ليلة النحر، هذا مجمع عليه بإجماع أهل العلم، ليس فيه خلاف أن هذا هو وقت الوقوف، فإذا وقف فيه ولو قليلا أجزأه الحج، لكن إن كان بالليل أجزأه، وليس عليه فدية، وإن كان بالنهار وجب عليه أن يبقى إلى غروب الشمس كما وقف النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه وقف نهارا بعد ما صلى الجمع، بعد ما صلى الظهر والعصر جمعا جمع تقديم بأذان وإقامتين، تقدم إلى الموقف فوقف عليه الصلاة والسلام على راحلته حتى غابت الشمس، هذا هو الأفضل، هذا هو الكمال، يقف نهارا ويبقى حتى غروب الشمس، فإن انصرف قبل غروب الشمس فعليه دم عند أكثر أهل العلم، يذبح في مكة للفقراء إلا إن رجع في الليل سقط عنه الدم، ولو قليلا سقط عنه الدم، وإذا وقف قليلا ساعة أو ربع ساعة أو نصف ساعة، المقصود مر بعرفات وهو محرم بالحج، فإن مروره أو وقوفه بها قليلا يجزئ، إن كان في الليل أجزأ بلا فدية، وإن كان في النهار ولم يبق حتى الغروب فعليه فدية عند الجمهور، وحجه صحيح عند جمهور أهل العلم، أما الوقوف قبل الزوال فأكثر أهل العلم على أنه لا يجزئ، من وقف قبل الزوال ولم (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 395) يرجع بعد الزوال ولا في الليل أنه لا يجزئ عند الجمهور، وذهب الإمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه يجزئ قبل الزوال لحديث عروة بن مضرس حيث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فأطلق النهار فقال: هذا يشمل قبل الزوال وما بعد الزوال. ولكن الجمهور قالوا: يحمل على ما بعد الزوال؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال، ولم يقف قبل الزوال، وقال: عليه الصلاة والسلام خذوا عني مناسككم فالأحوط للمؤمن أن يكون وقوفه بعد الزوال كما قاله جمهور أهل العلم، وكما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتحدد الوقوف بشيء قليل أو كثير، كله يجزئ، لكن مثل ما تقدم، إن كان بالليل في أول الليل أو في (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 396) وسطه أو في آخره أجزأ بلا فدية، وإن كان في النهار ولم يبق حتى الغروب فعليه فدية عند أكثر أهل العلم؛ لأنه ترك واجبا وهو الجمع بين الليل والنهار في حق من وقف نهارا. وقال قوم: لا فدية عليه حتى لو وقف نهارا بعد الزوال كالليل، ولكن أكثر أهل العلم قالوا: إن وقوف النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغروب يدل على الوجوب. وقال: خذوا عني مناسككم وقوله: خذوا عني مناسككم يدل على وجوب البقاء إلى الليل، فإنه عليه الصلاة والسلام، لم ينصرف حتى غابت الشمس فينبغي لمن وقف نهارا أن يبقى إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت انصرف إلى مزدلفة، فإن استعجل وانصرف قبل الغروب جبره بدم عند أكثر أهل العلم، يذبح في الحرم للفقراء جبرا للحج.