ج: هذه الذبيحة التي أشارت السائلة إليها غير صحيحة بهذا المعنى الذي ذكرت، وإنما أصل ذلك أن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام امتحنه الله فأمره بذبح ابنه بكره إسماعيل عليه الصلاة والسلام؛ ليخلص قلبه لمحبته سبحانه دون محبة غيره جل وعلا، وكان إبراهيم هو خليل الله عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل الناس في زمانه، وهو أفضل الخلق بعد محمد عليه الصلاة والسلام، فلما أراد ذبحه وتله للجبين ولم يبق إلا أن يهوي بالسكين إلى حلقه رحمه الله، ورحم ابنه، ورفع عنهما هذا الأمر، وفداه بذبح عظيم، قال سبحانه: وناديناه أن ياإبراهيم (الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 158) قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين فنسخ الله هذا الأمر، وحصل المقصود بصفاء القلب وكمال المحبة لله سبحانه وتعالى؛ لأنه قد طابت نفسه بذبح ابنه تقربا إلى الله عز وجل، وإكمالا لمحبته له سبحانه وتعالى، فلما تم المقصود وحصل المطلوب نسخ الله هذا الأمر وفدى الذبيح بذبح عظيم، وهو كبش عظيم، أرسله الله إليه، ويقال: إنه جاء من الجنة، وأنه أهبط من الجنة، فذبحه إبراهيم وفدى به ابنه إسماعيل، وبقيت هذه السنة في المسلمين من ذاك الوقت، وهو الضحايا في أيام عيد النحر، وكان النبي محمد عليه الصلاة والسلام يذبح في عيد النحر كبشين أملحين أقرنين: أحدهما عن محمد وآل محمد - يعني أهل بيته - والثاني عمن وحد الله من أمته عليه الصلاة والسلام. وصارت الضحية سنة في الأمة من عهد إبراهيم إلى عهد محمد نبينا عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا، يستحب للمؤمن أن يضحي إذا كان عنده قدرة يوم النحر شاة واحدة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون، وإن ضحى بأكثر فلا بأس، وليس هناك حاجة إلى أن يربيه في البيت (الجزء رقم : 18، الصفحة رقم: 159) ويسمنه، بل يشتريه من السوق، أو يكون عنده في مزرعته لا بأس، لكن ليس من السنة أن يربيه، متى اشتراه من السوق كفى والحمد لله، ثم فليس من السنة أن يقسمه على سبعة أبيات بل يأكل ويطعم كما قال الله تعالى: فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير فيأكل منها ما تيسر، ويطعم جيرانه وأقاربه والفقراء ما تيسر، وإن قسمها أثلاثا فأكل ثلثا وقسم بين أقاربه وجيرانه ثلثا، وأعطى الفقراء ثلثا فكل ذلك حسن، والمقصود من هذا أنه يأكل ويطعم، وأنه يشتريه من السوق أو يربيه في البيت، كل ذك لا بأس به، وليس من شرط ذلك أن يقسمه بين سبعة أبيات، هذا لا أصل له؛ بل يعطي من يشاء بيتين أو ثلاثة أو أقل أو أكثر من الفقراء، أو من أقاربه أو من جيرانه، والأمر في هذا واسع والحمد لله.