ج: العمرة هي الزيارة بالنسبة إلى الغريب، أما أهل مكة فالعمرة لهم هي الطواف والسعي والتقصير، وهي نوع من الزيارة بخروجه إلى الحل ثم رجوعه، لكن المقصود منها في حق مكة هذا العمل العظيم، وهو الطواف والسعي والتقصير، فلهم عمرة يخرجون إلى الحل، التنعيم أو عرفات أو الجعرانة، أو جدة ويحرمون بالعمرة، ثم يدخلون ويطوفون ويسعون ويقصرون، وتسمى عرمة، وإن كان أصلها الزيارة بالنسبة إلى الغريب، لكنها عمل عظيم، عمل الطواف والسعي والتقصير (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 162) أو الحلق، عبادة عظيمة، فيها الطواف بالبيت، وفيها السعي بين الصفا والمروة، فهي عمرة لهم، وإن كانوا من أهل مكة، وليس لهم زيارة؛ لأنهم قريبون من مكة، إذا خرجوا إلى التنعيم، ليسوا بعيدين وليس سفرا، فلا تتحقق في حقهم أنها زيارة، لكن فيها العمل الصالح فيها الطواف والسعي، ولكنها تسمى زيارة بالنسبة إلى الغرباء، واقد اعتمرت عائشة من مكة رضي الله عنها، لما حلت من حجها أعمرها النبي صلى الله عليه وسلم من التنعيم وهي في هذه الحال مكية، مقيمة في مكة، ومع هذا اعتمرت من التنعيم، رضي الله عنها بدلا من عمرتها التي دخلت بها إلى مكة من المدينة؛ لأنها دخلت مكة وهي حائض، فلم تطف ولم تسع قبل الحج، وأحرمت في الحج مع العمرة، صارت قارنة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك لأنها صارت قارنة، فطلبت منه عمرة مستقلة، فوافق على ذلك عليه الصلاة والسلام، وأمر أخاها عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم عمرة مستقلة، كصاحباتها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم؛ بينما اعتمروا عمرة مستقلة، دخلوا بها مكة من المدينة، (الجزء رقم : 17، الصفحة رقم: 163) فطافوا وسعوا وقصروا وحلوا، فأحبت أن تفعل مثلهم بعمرة مستقلة، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب بها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج؛ فدل ذلك على أنه لا بأس بخروج المكي إلى التنعيم أو غيره من الحل لأخذ العمرة، فالعمرة عمل صالح وقربة إلى الله عز وجل.