حكم صلاة من لا يتوضأ من لحم الإبل

س : هل الذين لا يتوضؤون من لحم الجزور صلاتهم باطلة أم لا ؟

ج : كذلك سبق أنه سئل عن الأجزاء الأخرى التي لا تنقض من لحم الجزور كالكرش والأمعاء ، وأشباه ذلك ، فالمشهور من مذهب أحمد وجماعة ، أنه لا يتوضأ منها ، بل يتوضأ من اللحم ، لأن الرسول قال : توضؤوا من لحوم الإبل والكرش ما تسمى لحما عند العرب ، ولا تسمى الأمعاء لحما ، والكبد والطحال وأشباه ذلك ، وإنما اللحوم معروفة ، الهبر المعروف ، فلهذا قال أهل العلم يتوضأ من الهبر ، من اللحم ولا يتوضأ من الكرش ، والأمعاء ونحو ذلك ، هذا هو المشروع عند أهل العلم القائلين بنقض الوضوء من لحوم الإبل ، وقال جماعة : يلحق بذلك الكرش ونحوه ، وأنها كلها تابعة للحم ، لأن الله لما حرم الخنزير حرم لحمه وشحمه ، وكل شيء فيه ، قالوا : وهذا يلحق باللحم ، والقول الأول أظهر ، من جهة تعليق الحكم باللحم ، وتوضؤوا من لحوم الإبل أما الخنزير فقد حرمه الله كله ، فلا ينظر في أمره ، بل كله حرام ، أما هذا فهو شيء يتعلق بالعبادات (الجزء رقم : 5، الصفحة رقم: 240) واللحم وتوابعه ليس بنجس ، بل هو لحم أباحه الله من لحم الإبل مباح لنا ، لكن الله علق باللحم منه الوضوء ، دون البقية ، فلا بأس أن يستثنى منه ما لا يسمى لحما ، عند العرب ، وإذا توضأ الإنسان من بقية الإبل ، مثل الكرش والمصير والأمعاء ، وأيضا مثل اللسان ، إذا توضأ منها فهو حسن من باب الاحتياط ، ومن باب الخروج من الخلاف ، ومن باب أخذ الحيطة ، لأن هذه تابعة لكل اللحوم ، وليست اللحوم تابعة لهذه من باب الاحتياط ، فهو حسن أما الوضوء الذي يلزم بلا شك ، فهو إذا أكل من اللحم ، والذين لا يتوضؤون من لحوم الجزور وهم يعتقدون أن لحم الإبل ينقض ، ثم تساهلوا تبطل صلاتهم ، أما الإنسان الذي يعتقد أنه لا ينقض ، ويرى أنه منسوخ ، وأنه تابع المنسوخات ، يعتقد هذا ، أو من قال ذلك باجتهاده ، رأى أن هذا هو الأصوب عن تقليد ، أو عن اجتهاد ، وهذا الذي في نفسه ، هو اعتقاده أن هذا هو الأولى ، فإن صلاته غير باطلة ، صلاة صحيحة ، حسب اعتقاده ، لأنه طالب علم ، اجتهد ورأى أن لحم الإبل لا ينقض ، فصلاته ليست باطلة ، لأن هذا هو مقتضى علمه ، واجتهاده ، أو جماعة مقلدين لمذهب الشافعي أو مذهب أبي حنيفة أو مالك ممن لا يرى النقض ، للحم الإبل ويرى أن هذا لا حرج عليه فيه ، حسب اعتقادهم ، تقليدا أو اجتهادا ، هؤلاء صلاتهم صحيحة ، لكن إنسان يعلم أن لحم الإبل ينقض الوضوء ، وليس عنده شبهة في ذلك ، ثم يتساهل تكون صلاته باطلة لأنه صلى بغير وضوء .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: