حكم من يوتر بعد صلاة العشاء مباشرة

س : سائلة تقول : إنني ولله الحمد أقوم الليل إلا أنني أوتر بعد سنة العشاء ، وذلك خوفا من أن يقبض الله روحي ، قبل أدائها وخوفا من أن يغلبني النوم ، فلا أستطيع أداءها ، فبماذا تنصحونني وهل ما أنا عليه صحيح ؟

ج : قيام الليل من أفضل القربات ، ومن صفات عباد الرحمن الأخيار ، ومن صفات المتقين الأبرار : قال الله جل وعلا في كتابه العظيم : إن المتقين في جنات وعيون (15) آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين (16) كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (17) وبالأسحار هم يستغفرون ، وقال سبحانه في صفة (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 72) عباد الرحمن : والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما فأنت على خير ، فنوصيك بالثبات ، وسؤال الله القبول ، وعليك بالاستقامة ، ولكن الأفضل لك أن تجعلي الوتر آخر الليل ، ما دمت تقومين آخر الليل ، فاجعلي الوتر آخر الليل ، وأحسني الظن بالله ، وأبشري بالخير ، ما دمت قد اعتدت هذا الخير ، تقومين آخر الليل ، فاجعلي وترك آخر الليل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الصحيح : من خاف ألا يقوم من آخر الليل ، فليوتر أوله ، ومن طمع أن يقوم آخره ، فليوتر آخر الليل ، فإن صلاة آخر الليل مشهودة ، وذلك أفضل بين صلى الله عليه وسلم أن صلاة آخر الليل مشهودة ، وأنها أفضل من أول الليل ، وأنت بحمد الله تطمعين أن تقومي ، قد اعتدت القيام ، فأخري الوتر في آخر الليل ، وإذا غلبك النوم صلي في النهار ما يقابل ذلك ، شفعا دون وتر ، كما كان النبي يفعل صلى الله عليه وسلم ، كان إذا غلبه النوم ، أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ، وكانت عادته صلى الله عليه وسلم ، غالبا إحدى عشرة ركعة ، فإذا شغله نوم أو مرض ، زاد واحدة (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 73) صلى ثنتي عشرة ركعة هكذا روت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم ، والمؤمن يجب أن يكون حسن الظن بالله سبحانه وتعالى ، فعليك أن تحسني الظن بالله ، والاجتهاد في الخير ، وأن تكون صلاتك آخر الليل مع الوتر لهذا الحديث الصحيح ، ولقوله صلى الله عليه وسلم ، في الحديث الصحيح : ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ؟ من يسألني فأعطيه ؟ من يستغفرني فأغفر له ؟ هذا الحديث العظيم ، متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يدل على فضل آخر الليل ، وأن العبادة فيه لها فضل عظيم ، وأن دعاء العبد حري بالاستجابة ، وهكذا توبته واستغفاره ، وهذا النزول نزول يليق بالله جل وعلا ، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته ، سبحانه وتعالى فهو في نزوله كسائر صفاته ، كالاستواء والكلام والغصب ، والرضا ، وغير ذلك كلها صفات تليق بالله لا يشابه فيها خلقه سبحانه وتعالى ، فكما قال السلف في الاستواء : إنه اللائق بالله ، فهكذا النزول ، وهكذا بقية الصفات ، يقول جل وعلا : (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 74) الرحمن على العرش استوى سئل مالك إمام دار الهجرة في زمانه ، رحمه الله ، قيل له : يا أبا عبد الله الرحمن على العرش استوى كيف استوى ؟ قال : الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب وهكذا روي عن أم سلمة أم المؤمنين ، وعن ربيعة شيخ مالك ، أنهم قالوا هذا المعنى ، الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، وهكذا النزول معروف ، والكيف مجهول ، ينزل كيف يشاء سبحانه وتعالى نزولا يليق بجلاله ، ولا يشابه خلقه في صفاته سبحانه ، وهكذا يتكلم إذا شاء كما يليق بجلاله ، ويغضب إذا شاء على أهل المعصية والكفر به غضبا يليق بجلاله ، لا يشابه غضب المخلوقين ، وهكذا رضاه ، وهكذا سائر صفاته ، سبحانه وتعالى كلها يجب أن تمر كما جاءت ، مع الإيمان بها ، واعتقاد (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 75) أنها حق ، وأنها تليق بالله ، لا يشابه فيها خلقه ، ولا يعلم كيفيتها إلا هو سبحانه وتعالى .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: