بيان أن النساء كالرجال في كيفية أداء الصلوات

(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 125)  39- بيان أن النساء كالرجال في كيفية أداء الصلوات س : إننا لم نجد من يدلنا على أداء الصلاة الصحيحة ، هذا سؤال قد أجبتم على معظمه في كيفية الصلاة سماحة الشيخ ، ولكن ولا سيما أن البعض يذكر أن للمرأة صورة معينة حين تؤدي صلواتها ، وأيضا بالنسبة للجمعة والجماعة للمرأة أيضا ، لو تكرمتم سماحة الشيخ فأرجو أن تتفضلوا بتكملة ما بدأتموه .

ج : قد سبق بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في حلقتين ، ووقفنا في الحلقة الثانية على ما يتعلق بالدعاء في التشهد الأخير من الصلاة ، وسبق لنا أن الله جل وعلا شرع لنا على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم أن نقول في آخر الصلاة بعد قراءة التحيات : أن نستعيذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال . هذا مشروع للرجال والنساء جميعا في الفرض والنفل ، ويستحب مع هذا أن يدعو الإنسان بما تيسر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الصحابة التشهد قال : ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 126) فيدعوا وفي لفظ آخر : ثم ليختر من المسألة ما شاء وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهذه الدعوات : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال وقال لمعاذ : يا معاذ ، إني لأحبك ، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث علي رضي الله عنه : أنه كان يقنت في آخر الصلاة قبل أن يسلم : اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت وثبت أيضا في صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 127) عليه وسلم كان يقول في آخر الصلاة : اللهم إني أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر فهذه الدعوات طيبة يشرع أن تقال في آخر الصلاة ، بعدما يقرأ التحيات والشهادة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، يأتي بهذه الدعوات التي ذكرنا هنا وفي ما ذكرنا في آخر الحلقة السابقة . والخلاصة أنه يقول بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : أعوذ بالله من عذاب جهنم ، أو اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن فتنة المسيح الدجال . وإذا زاد أدعية أخرى كما تقدم فذلك حسن ، مثل ما تقدم : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت . إلى غير ذلك وهكذا ، الدعاء الآخر في حديث سعد : اللهم إني أعوذ بك من البخل ، وأعوذ بك من الجبن ، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر ، وأعوذ بك من (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 128) فتنة الدنيا وعذاب القبر وهكذا الدعاء الوارد في حديث عبد الله بن عمرو في الصحيحين : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم هذا علمه النبي صلى الله عليه وسلم للصديق رضي الله عنه ، قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما : إن الصديق قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي . قال : قل : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم وإذا كان الصديق يقال له هذا الدعاء ، فكيف بحالنا إذا كان الصديق وهو أفضل الصحابة رضي الله عنه ، وهو مشهود له بالجنة ، ومع هذا يعلمه النبي يقول : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم بل هو في أشد الحاجة إلى ذلك فينبغي الإكثار من هذا الدعاء قال أنس (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 129) رضي الله عنه : كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ثم ينبغي أن يعلم أن المرأة كالرجل في هذه الأشياء قال بعض أهل العلم : إن المرأة لها خصوصية ، وهذا لا دليل عليه ، بل ما ورد من السنة يدل على أنه مشترك بين الرجال والنساء فكما أن الرجل يقرأ الفاتحة وما تيسر معها من سور أو آيات فهي كذلك ، وكما أنه يرفع عند الركوع وعند الرفع منه ، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة فهي كذلك ترفع يديها مثل الرجل ، وكما أنه يضع يديه على صدره فهي كذلك ، تضع يديها على صدرها حال القيام في الصلاة . وكما أنه يقول : سبحان ربي العظيم . في الركوع هي مثله ، ويقول في السجود : سبحان ربي الأعلى . هي مثله ، وتزيد في الركوع مثل الرجل : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي . وتضع يديها في الركوع على ركبتيها مفرجة الأصابع ، وتضع يديها في السجود على الأرض حيال منكبيها ، وحيال أذنيها كالرجل ، وتضع يديها في الجلوس بين السجدتين على فخذيها ، أو على ركبتيها كالرجل ، وتفترش رجلها اليسرى بين السجدتين وفي التشهد الأول ، وفي التشهد (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 130) الأخير تتورك ؛ تجلس على مقعدتها وتجعل رجلها اليسرى تحت رجلها اليمنى عن يمينها ، كالرجل سواء بسواء في هذه الأمور ، وهذا هو الأرجح ، وهذا هو المعتمد كما دلت عليه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والسلام أيضا كذلك هذا أمر معلوم إذا فرغ من الدعاء يسلم الرجل والمرأة سواء ، فيقول : السلام عليكم ورحمة الله - عن يمينه و: - السلام عليكم ورحمة الله عن يساره ، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام ، وهذا يستوي فيه الرجل والمرأة ، والفرض والنفل جميعا ، ثم بعدما يسلم يقول : أستغفر الله ثلاثا اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ، يقوله الرجل والمرأة ، ثم ينصرف إذا كان إماما بعد هذا ، ويعطي الناس وجهه ويقول بعد هذا : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . وهكذا المؤمنون يقولون مثله . الرجال والنساء مثل ما يقول الإمام : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير . جاء هذا تارة يقول يحيي ويميت . وتارة لا يقول عليه الصلاة والسلام ، ثبت هذا وهذا فتارة (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 131) يقول : يحيي ويميت بيده الخير . وتارة لا يقول ذلك ، الأمر واسع بحمد الله ، ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . وتارة يزيد : يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد . كل هذا مستحب بعد كل صلاة للرجال والنساء . ثم يشرع بعد ذلك أن يقول : سبحان الله والحمد لله والله أكبر . ثلاثا وثلاثين مرة ، الرجل والمرأة ، يعقد أصابعه ثلاثا وثلاثين مرة ، فيكون الجميع تسعا وتسعين ، يعني ثلاثا وثلاثين تسبيحة ، وثلاثا وثلاثين تحميدة ، وثلاثا وثلاثين تكبيرة ، إذا قال : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر . وعدها ثلاثا وثلاثين مرة كانت تسعا وتسعين ، ثم يقول تمام المائة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا قالها غفرت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر وهذا فضل عظيم ، وخير كبير (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 132) والمعنى : إذا قال هذا مع التوبة والندم والإقلاع لا مجرد الكلام فقط ، بل يقول هذا مع الاستغفار والتوبة والندم وعدم الإصرار على الذنوب ، ويرجى له هذا الخير العظيم حتى في الكبائر ، إذا قاله عن إيمان وعن صدق وعن توبة صادقة ، وعن ندم على الذنوب فإن الله يغفر له كبائرها وصغائرها بتوبته وصدقه وإخلاصه . ويقول بعد ذلك الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم هذا يقوله الرجل والمرأة بعد الفريضة ، جاء في الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : من قرأها بعد كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت والحديث فيه كلام لأهل العلم ، ولكن بعض طرقه صحيحة ، فالأرجح أنه ثابت ، وأن هذه القراءة مستحبة ، وهذه الآية يقال لها : آية الكرسي . وهي أفضل آية وأعظم آية في كتاب الله ، يستحب أن (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 133) تقرأ بعد السلام بعد هذا الذكر ، ويستحب أن تقرأ أيضا عند النوم ، وهي من أسباب حفظ الله للعبد من الشيطان ، فهي آية عظيمة ينفع الله بها العبد ، وهي من أسباب دخول الجنة ، إذا قالها أسباب بعد كل صلاة فريضة بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، وهكذا يقولها عند النوم ، وتكون من أسباب حفظه ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : من قالها لم يزل عليه من الله حافظ ، ولا يقربه الشيطان حتى يصبح وهذا فضل عظيم ، كذلك يستحب له بعد هذا أن يقرأ : قل هو الله أحد والمعوذتين ، يقولها المصلي والإمام والمأموم والمنفرد بينه وبين نفسه : قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس مرة واحدة بعد الظهر والعصر والعشاء ، أما بعد المغرب والفجر فيقولها ثلاثا ، يقرأ هذه السور الثلاث ثلاثا ، قل هو الله أحد ثلاثا و قل أعوذ برب الفلق ثلاثا و قل أعوذ برب الناس ثلاثا ، بعد الفجر والمغرب . ويستحب أيضا بعد الفجر والمغرب زيادة أن يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شيء (الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 134) قدير عشر مرات ، زيادة بعد الفجر والمغرب ، جاء في ذلك عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والله جل وعلا هو المسؤول أن يوفقنا جميعا للتأسي به صلى الله عليه وسلم ، والمحافظة على سنته والاستقامة على دينه حتى نلقاه سبحانه وهو عنا راض .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: