حكم الصلاة في المساجد التي بها قبور_1

س : ما حكم الصلاة في المساجد التي فيها قبور

ج : المساجد التي فيها القبور لا يصلى فيها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ولقوله عليه الصلاة والسلام : ألا وإن من كان من قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، فإني أنهاكم عن ذلك فحسب ما قال عليه الصلاة والسلام ، فقد نهاهم عن اتخاذها مساجد ، ويذم الماضين الذين فعلوا هذا الأمر ، يقول عليه الصلاة والسلام : " ألا وإن من كان قبلكم " ، يعني : من الناس من اليهود والنصارى وغيرهم ، " كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد " . يعني : يصلون عندها ويصلون حولها ، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ، فإني أنهاكم عن ذلك " ، فنهاهم عنها من وجوه ثلاثة ؛ من جهة ذم الماضين على فعلها ، ومن جهة قوله : " لا تتخذوا " ومن جهة قوله : " فإني أنهاكم عن ذلك " ثلاث جهات كلها محل نهي ، تحذير فلا يجوز للمسلمين أن يبنوا على القبور قبة ، ولا مسجدا ، (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 377) ولا يصلوا عند القبر لا فرضا ولا نفلا ، إلا صلاة الجنازة إذا مات وأحضروه عند القبر أو بعد دفنه ، وصلى عليه بعض الناس لا بأس ، أو صلى عليه من لم يحضر فصلى على القبر لا بأس ، قبل موعد شهر أو عند موعد شهر لا بأس ، يعني : يصلي عليه خلال موعد شهر ، وما حوله ، فالحاصل أن الصلاة في المقبرة لا تجوز ، والبناء على القبور لا يجوز ، لا مسجد ولا غيره ، وما وقع في بعض الأمصار وبعض الدول من البناء على القبور كله خطأ ، والواجب على حكام المسلمين أن يزيلوا ذلك ؛ أن يزيلوا البناء على القبور ، وأن يمنعوا الناس من دعاء الأموات ، والاستغاثة بالأموات ، والنذر لهم ، هذا هو الشرك ، كونه يأتي ويقول : يا سيدي ، اشف مريضي ، أو انصرني ، أو اقض لي حاجتي ، أو أخبرني عما مضى عن كذا وكذا . هذا من الشرك الأكبر ؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله ، الأموات لا يعلمون الغيب ، ولا يقضون الحاجات ، فهم مرتهنون بأعمالهم ، فالذي يسألهم قضاء الحاجة وشفاء المريض ، والنصر على الأعداء قد أتى منكرا عظيما وشركا أكبر ، فالله سبحانه يقول : وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ، ويقول سبحانه : ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير ، (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 378) القطمير : اللفافة التي على النواة إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ، سمى الله عملهم هذا شركا ، ولا ينبئك مثل خبير ، سبحانه وتعالى ، فأخبرنا سبحانه أن الأموات لا يسمعون دعاءنا وهكذا الأصنام والأشجار والأحجار ، ولو سمعوا ما استجابوا على سبيل الفرض ، لو سمعوا ما استجابوا ، ما عندهم قدرة ، ويوم القيامة يكفرون بهذا الأمر ، ينكرونه ويتبرؤون منه ، ويقول سبحانه : ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ، سماهم كفرة ويقول عز وجل : قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ، رد الله عليهم بقوله : قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ، سمى الله عملهم شركا ، وقال عز وجل في أول سورة الزمر : والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ، (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 379) سماهم كذبة كفرة ؛ لأن الأموات ما يقربون إلى الله زلفى ، الأموات مرتهنون بأعمالهم ، يقول سبحانه : كل امرئ بما كسب رهين ، لا يملكون شيئا مما عليهم ، لا يقربون إلى الله من دعاهم ، ولا ينصرونه ولا يشفون مريضه ، قال تعالى : أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون (191) ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون ، فالأموات لا يملكون شيئا لداعيهم ، ولا يستطيعون نصر داعيهم ، ولا نصر أنفسهم ، فكيف يدعون مع الله ؟ كيف يستغاث بهم ؟ والأصنام من الحجارة أو غيرها من باب أولى ، لا تسمع ولا تملك شيئا ؛ صم ، بكم ما يسمعون ، وهكذا الأشجار ، وهكذا الأحجار ، وهكذا الكواكب والنجوم ، وهكذا الشمس والقمر ، كلها لا تعبد من دون الله ، من عبدها فقد أشرك بالله ، وما يقع في بعض الأمصار من دعوة الأموات ؛ كدعوة البدوي أو الحسين أو الشيخ عبد القادر ، أو أبي حنيفة أو الشافعي رحمة الله عليهما أو غيرهم كل هذا باطل ، الحسين رضي الله عنه يبرأ ممن عبده ، وهكذا علي بريء ممن عبده ، وهكذا بقية الأنبياء والصالحين برآء ممن (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 380) عبدهم ، نبينا محمد بريء ممن عبده ، وهكذا الأنبياء كلهم برآء ممن عبدهم ، وهكذا الصالحون مثل علي رضي الله عنه ، ومثل الحسين ومثل الحسن ومثل نفيسة ومثل زينب ، كلهم برآء ممن عبدهم من دون الله ، لا يرضون بذلك ، وعبادتهم شرك بالله عز وجل ، وهكذا الشيخ عبد القادر الجيلاني والإمام أبو حنيفة هم برآء ممن عبدهم من دون الله ، وعبادتهم شرك بالله فمن دعاهم أو استغاث بهم أو نذر لهم ، أو سألهم شفاء المريض فقد أشرك بالله ، وهكذا من دعا غيرهم من الأموات في أي بلد في الجزيرة العربية ، أو في مصر أو في الشام أو في العراق ، أو أفريقيا أو أمريكا أو في كل مكان ، لا تجوز عبادة غير الله أبدا ، العبادة حق لله وحده ، يقول سبحانه : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ، يعني : أمر وأوصى . ويقول سبحانه : وما أمروا يعني الناس ، وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، ويقول عز وجل : يا أيها الناس اعبدوا ربكم ويقول جل وعلا : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ، (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 381) ويقول سبحانه : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : لعن الله من ذبح لغير الله ويقول جل وعلا في كتابه العظيم : وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا ، فالواجب على جميع المسلمين التواصي بالحق والتحذير من هذا الشرك ، والواجب على العلماء أينما كانوا أن يتقوا الله ، وأن يعلموا الناس دين الله وتوحيد الله ، وأن يحذروهم من عبادة القبور وأهل القبور ، أو عبادة الأصنام والأشجار والأحجار أو النجوم أو غير ذلك ، هذا واجب العلماء في كل مصر ، وفي كل بلد وفي كل دولة ، يجب على العلماء أن يعلموا الناس ، وأن يرشدوا الناس إلى توحيد الله ، فالعبادة حق الله والدعاء لله : يا رب اغفر لي ، يا رب انصرني يا رب اشف مريضي ، يا الله يا رحمن يا رحيم ، أنت سبحانك المالك لكل شيء ، أنت القادر على كل شيء . أما أن يقول : يا سيدي عبد القادر ، أو يا سيدي الحسين ، أو يا (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 382) سيدي البدوي ، اشف مريضي . فهذا هو الشرك الأكبر ، أو : يا فلان ، أو يا سيدي عبد القادر ، أو يا سيدي أبا حنيفة . هذا كله منكر كله شرك أكبر ، ومن المصائب العظيمة وقوع شيء مثل هذا البلاء ؛ هذه من المصائب العظيمة . فالواجب على أهل العلم أن ينكروا هذا الشرك ، وأن يعلموا الناس ، وأن يرشدوهم ، والواجب على ولاة الأمور والحكام من المسلمين أن ينبهوا عن هذا الأمر ، وأن يزيلوا المساجد التي على القبور والبناء الذي على القبور ، وأن يجعلوا القبور مكشوفة ظاهرة مثل القبور في البقيع مكشوفة ، كما كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الصحابة مكشوفة : لا بناء عليها ولا مسجد ولا غيره ، هذا هو الواجب على المسلمين في كل مكان ؛ في الدول الإسلامية وفي غيرها ، الواجب أن تكون القبور مكشوفة ليس عليها بناء ، ولا يجوز أن تعبد مع الله ، ولا أن تدعى مع الله ، ولا أن يستغاث بها ، ولا يطاف بها ، ولا يعكف عندها ولا يصلى عندها ، ولكن تزار ، يزار قبر المسلم ، يسلم عليه ، يدعى له لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال : فزوروا القبور ؛ فإنها تذكر الموت وكان عليه الصلاة والسلام يعلم أصحابه إذا زاروا القبور (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 383) أن يقولوا : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنا إن شاء الله للاحقون ، أسأل الله لنا ولكم العافية وفي رواية ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإذا زار القبور التي في المدينة يقول : السلام عليكم يا أهل القبور ، يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه ، يزور ويدعو للميت ( الموتى ) . ويقول صلى الله عليه وسلم السلام المأثور عنه ( الذي ذكرنا ) . أما إن كان الزائر لأموات كفار وزارهم فإنه لا يدعو لهم ، بل للعبرة مثل ما زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه ، ولم يستغفر لها فقد نهاه الله أن يستغفر لها ، لكن زارها للعبرة ، فإذا كانت قبور كفار نصارى وغيرهم ومر عليهم ووقف للعبرة والتذكر للآخرة ، تذكر الموت تذكر النار والجنة للعبرة لا بأس ، يزورهم للعبرة لا يسلم ولا يدعو ، أما قبور المسلمين فيسلم عليهم ويدعو لهم وفق الله الجميع وهدى المسلمين جميعا لما يرضيه ، ووفقهم في الدين (الجزء رقم : 11، الصفحة رقم: 384) ووفق علماء المسلمين لكل ما فيه صلاح المسلمين وبراءة الذمة .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: