حكم المرور بين يدي المصلي في الحرم

س : هل للمسجد الحرام والمسجد النبوي خاصية بمرور النساء والرجال أمام المصلي ؛ اضطرارًا ودفعًا للحرج ?

ج : الصواب في المسجد الحرام أنه لا تقطع فيه الصلاة ، وأن من مر بين يدي أخيه لا يضره ، فلا يمنع المار ولا يقطع المار الصلاة في المسجد الحرام ؛ لأنه مظنة الزحمة ومشقة الدفع ، والحاجة ماسة إلى المرور بين يدي المصلين في المطاف وغير المطاف ، فالصواب في ذلك أن المصلي في المسجد الحرام لا يمنع المار ، ولو مر بين يديه امرأة لم تقطع صلاته ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحفظ عنه في هذا شيء ؛ أنه يمنع المار أو أنه تقطع الصلاة فيه ، بل جاء عنه في بعض الأحاديث وإن كان فيها ضعف ؛ أنه ما كان يمنع المار في المسجد الحرام ، وأنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه لكن فيه ضعف . وثبت عن بعض الصحابة كابن الزبير أنه كان يصلي والناس يمرون بين يديه ، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام ، ولا سيما في أيام (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 201) الحج وأيام العمرة في رمضان ، فقد يصعب رد المار والتحرز من المار ، وتلحق بقية أيامه بذلك ، أما المسجد النبوي فلم يرد فيه ما ورد في المسجد الحرام ، بل ثبت عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه كان يصلي في المسجد النبوي ، فأراد أحد أن يمر بين يديه فمنعه ، فاشتكاه المار إلى مروان ، فدعا أبا سعيد فسأله ، فأخبره أبو سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس ، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه ، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان فأبو سعيد رأى أن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مثل غيره ، ويمنع المار فيه ، وهذا والله أعلم عند إمكان ذلك ، أما إذا كانت الزحمة الشديدة فإنه في هذه الحال يلحق بالمسجد الحرام ، وهكذا في أي مكان يكون فيه الزحمة الشديدة ؛ لا يمنع المار في هذا للضرورة في أي مكان ، فإذا ازدحم الناس في أي مكان واحتاج المصلي إلى أن يصلي فريضته ، أو الراتبة فإن المار لا يقطع في هذه الحالة ، ولا يمنع لعدم إمكان منع المار والتحرز منه ، بل قال الله جل وعلا في كتابه العظيم : وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ، (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 202) فالضرورات لها أحكامها وهذا منها ، والله أعلم .


دار النشر: فتاوى نور على الدرب


كلمات دليلية: