ج : هذا قول من أقبح الأقوال ، وهذا من الكفر والشرك بالله عز وجل ؛ لأن الأولياء لا ينفعون ولا يضرون ، ولا يجيئون بمنافع ، ولا يدفعون مضار إذا كانوا أمواتا وصح أن يسموا أولياء ؛ لأنهم معروفون بالعبادة والصلاح ، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون ، بل النافع الضار هو الله وحده ، هو الذي يجلب النفع للعباد ، ويدفع عنهم الضرر ، كما قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ، فهو سبحانه النافع الضار جل وعلا ، قال سبحانه وتعالى في المشركين : ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فالله جل وعلا هو النافع الضار ، وجميع الخلق لا ينفعون ولا يضرون ، أما الأموات فظاهر ؛ لأنهم قد انقطعت (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 114) حركاتهم وذهبت حياتهم ، فلا ينفعون أنفسهم ولا غيرهم ، ولا يضرون ؛ لأنهم قد فقدوا الحياة ، وفقدوا القدرة على التصرف ، وهكذا في الحياة لا ينفعون ولا يضرون إلا بإذن الله ، هم بزعمهم أنهم يستقلون بالنفع والضر وهم أحياء كفر أيضا ، بل النافع الضار هو الله وحده سبحانه وتعالى ، ولهذا لا تجوز عبادتهم ولا دعاؤهم ولا الاستغاثة بهم ولا النذر لهم ولا طلبهم المدد ، ومن هذا يعلم كل ذي بصيرة أن ما يفعله الناس عند قبر البدوي ، أو عند قبر الحسين ، أو عند قبر الكاظم ، أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني ، أو ما أشبه ذلك من طلب المدد والغوث أنه يكفر بالله ، بل يشرك بالله سبحانه وتعالى ، فيجب الحذر من ذلك والتوبة من ذلك والتواصي بترك ذلك ، ولا يصلى خلف هؤلاء ؛ لأنهم مشركون بعملهم هذا شركا أكبر ، فلا يصلى خلفهم ، ولا يصلى على ميتهم ؛ لأنهم عملوا الشرك الأكبر الذي كانت عليه الجاهلية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كان عليه أبو جهل وأشباهه من كفار مكة ، وعليه كفار العرب وهو دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والأشجار والأحجار ، هذا عين الشرك بالله عز وجل ، والله يقول سبحانه : ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون . والواجب على أهل العلم أن يبينوا لهم ، وأن يوضحوا لهم الحق ، وأن يرشدوهم إلى الصواب ، ويحذروهم من هذا الشرك بالله عز وجل . يجب (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 115) على العلماء في كل مكان ؛ في مصر والشام والعراق ومكة والمدينة وسائر البلاد أن يرشدوا الناس ولا سيما عند وجود الحجاج ، يجب أن يرشدوا ويبينوا لهم هذا الأمر العظيم والخطر الكبير ؛ لأن بعض الناس قد وقع فيه في بلاده عن جهل أو تقليد ، فيجب أن يبين لهم توحيد الله ، ومعنى : لا إله إلا الله . وأن معناها : لا معبود بحق إلا الله . فهي تنفي الشرك وتنفي العبادة عن غير الله ، وتثبت العبادة لله وحده ، وهذا معنى قوله سبحانه : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ، وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ، وهذا هو معنى قوله جل وعلا : فاعبد الله مخلصا له الدين (2) ألا لله الدين الخالص ، وقوله سبحانه : فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ، فالواجب توجيه العباد إلى الخير وإرشادهم إلى توحيد الله ، وأن الواجب على كل إنسان أن يعبد الله وحده ، ويخصه بالعبادة وبالدعاء والخوف والرجاء وبالتوكل وطلب الغوث والصلاة والصوم وغير ذلك كله لله وحده ، لا يجوز أبدا أن يعبد شيء من ذلك من دون الله سبحانه ، سواء كان نبيا أو وليا أو غير ذلك ، فالنبي لا يملك لنفسه (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 116) ضرا ولا نفعا ، لكن يتبع ويطاع في الحق ، يطاع ويتبع ويحب المحبة الصادقة له ، ونبينا صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأشرفهم ، ومع هذا لا يدعى من دون الله ولا يستغاث به ولا يسجد له ، ولا يصلى له ، ولا يطلب المدد منه ، ولكن يتبع ويصلى عليه ويسلم عليه ، ويجب أن يكون أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأولادنا وآبائنا وغير ذلك ، هذا هو الواجب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين لكن هذه المحبة لا تجوز لنا أن نشرك به ، لا تسوغ لنا أن ندعوه من دون الله ، أو نستغيث به أو نسأله المدد أو الشفاء ، بل نحبه المحبة الصادقة ؛ لأنه رسول الله إلينا ، ولأنه أفضل الخلق ، ولأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ، نحبه لله محبة صادقة فوق محبة الناس والمال والولد ، ولكن لا نعبده مع الله ، وهكذا الأولياء نحبهم في الله ، ونترحم عليهم من العلماء والعباد ، ولكن لا ندعوهم مع الله ، ولا نبني على قبورهم ولا نستغيث بهم ، ولا نطوف بقبورهم ، ولا نطلبهم المدد ، كل هذا شرك بالله ، ولا يجوز الطواف بالكعبة إلا لله وحده ، فالذي يطوف بالقبر لأجل (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 117) طلب الفائدة من الميت ، أو طلب المدد أو طلب الشفاء ، أو طلب النصر على الأعداء كل هذا من الشرك بالله عز وجل ، فالواجب الحذر منه غاية الحذر .