ج : الأقرب والله أعلم أن الحكمة في ذلك أن النهار محل العمل ، ومحل الأخذ والعطاء والاجتماع ، فالسر أجمع للقلب ، إذا قرأ سرا أجمع لقلبه ، وأخشع لقلبه حتى يتدبر ، والليل محل الخلوة في البيت مع الأهل ، ومحل خلوة بالله عز وجل ، إذا جهر كان أنشط له ، وأقرب إلى انتفاعه بالقراءة ، وأبعد عن النوم ، فهو في الليل يقرأ جهرة ليتدبر كتاب الله ، ولينشط في قراءته ويجمع قلبه على ذلك ؛ لأن ما حوله هادئ ، فليس عنده مشاغل ، فيرفع صوته حتى يجمع قلبه ، ويقرأ كلام الله ويتدبره عن صوت مرفوع ، رفعا لا يشق عليه ، ولا يؤذي من حوله ، إذا كان حوله نوام ، أو مصلون ، أو قراء لا يرفع رفعا يؤذيهم ويشق عليهم ، لكن رفعا خفيفا ، أما إذا كان ما حوله أحد فيكون رفعه وسطا يطرد الشيطان ، ويعين نفسه على النشاط والتدبر .