ج : القنوت مشروع في الليل ليس في العشاء ، بل بعد العشاء إلى آخر الليل ، هذا مشروع عند الجميع ، عند جميع أهل العلم سنة ، الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، ويشرع فيه القنوت من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال : علمني الرسول صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر هذا المشروع الوتر عند الجميع ، أما القنوت فلست أدري عنه الآن هل هو محل إجماع أو محل خلاف ، لكنه سنة بلا شك وإن لم يكن فيه إجماع ، وسنة لحديث الحسن رضي الله عنه في قنوت الوتر في الليل ، أما القنوت الذي يفعله بعض أهل العلم في الصباح كالشافعية والمالكية فهو على الصحيح غير مشروع إلا في النوازل ، إذا حدث نازلة بالمسلمين مثل العدو حاصر البلد يقنتون في (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 250) الفجر وفي غير الفجر بالدعاء عليه ، أما القنوت الدائم في الفجر فهذا غير مشروع على الصحيح ، وقد احتج من قال بشرعيته بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال : أما في الصبح فما زال يقنت حتى فارق الدنيا لكنه حديث ضعيف . وجاءت الأحاديث تفسره أنه يقنت - يعني في النوازل خاصة - وأن من قال : إنه لا يشرع في الصبح حجته أظهر ، وهو ما رواه أحمد والنسائي وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن سعد بن طارق : قلت لأبي طارق بن أشيم : يا أبتاه ، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، هل كانوا يقنتون في الفجر ؟ فقال : أي بني ، محدث فهذا الحديث يدل على أنه محدث ، وأنه لا ينبغي في الصبح إلا في النوازل أما كونه يفعل دائما فالصواب أنه محدث ولا يشرع ، والذين قالوا بشرعيته لعله خفي عليهم هذا الحديث ، ما بلغهم هذا الحديث حديث سعد بن طارق ولو بلغهم لقالوا به لكن لعله لم يبلغهم أو بلغهم وتأولوه على غير ظاهره ، (الجزء رقم : 10، الصفحة رقم: 251) فالحاصل أن الصواب والأرجح أن القنوت يكون في الوتر في الليل ، وفي النوازل في الفجر وغيرها ، أما الاستمرار بالقنوت في صلاة الفجر ، فهذا الصواب تركه ، وأنه ليس بمشروع ؛ لحديث طارق بن أشيم هذا الذي سمعته ، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما قام عليه الدليل ، ولكن لو صلى الإنسان خلف واحد من هؤلاء فلا بأس ، يتابعه في ذلك ؛ لأنه له شبهة في هذا الشيء فلا حرج إذا صلى مع واحد يقنت في الفجر وتابعه لا حرج في ذلك ، لكن ينصح من يفعل ذلك بأن الأفضل والأولى والأرجح ترك ذلك ؛ لأن طارقا ذكر أن هذا محدث ليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عادة أصحابه خلفائه الراشدين ، وما كان كذلك فالواجب تركه ، إلا إذا وجد سبب لذلك مما تقدم من النوازل .