ج: لا تدرك الجماعة إلا بإدراك ركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة خرجه مسلم في صحيحه، لكن من كان له عذر شرعي يحصل له فضل الجماعة وإن لم يدركها مع الإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا رواه البخاري (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 158) في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك : إن في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا وهم معكم حبسهم العذر وفي رواية: إلا شركوكم في الأجر متفق عليه. ومتى أدرك جماعة الإمام في التشهد الأخير فدخولهم معه أفضل، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا متفق عليه ، ولو صلوا جماعة وحدهم فلا حرج إن شاء الله. (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 159) من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ المكرم م. أ. س. وفقني الله وإياه للفقه في السنة والقرآن، آمين. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعده: كتابكم المكرم وصل وما تضمنه من المسائل علم، وهذا نص السؤال والجواب : الأول: ما قولكم فيمن أدرك الإمام راكعا ودخل معه في الركوع، هل يعتد بتلك الركعة أم لا؟ ج: قد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على قولين: أحدهما: لا يعتد بهذه الركعة؛ لأن قراءة الفاتحة فرض ولم يأت به، وروي هذا القول عن أبي هريرة ، ورجحه البخاري في كتابه ( جزء القراءة ) وحكاه عن كل من يرى وجوب قراءة الفاتحة على المأموم، كذا في ( عون المعبود )، وقد حكي هذا القول عن ابن خزيمة ، وجماعة من الشافعية ، ورجحه الشوكاني في ( النيل ) وبسط أدلته. (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 160) والقول الثاني: يعتد بها، حكاه الحافظ ابن عبد البر عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عمر رضي الله عنهم، وحكاه أيضا عن جماهير أهل العلم، منهم الأئمة الأربعة، والأوزاعي ، والثوري ، وإسحاق ، وأبو ثور ، ورجحه الشوكاني في رسالة مستقلة نقلها عنه صاحب ( عون المعبود ). وهذا القول أرجح عندي؛ لحديث أبي بكرة الذي في البخاري فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بقضاء الركعة، ولو كان ذلك واجبا عليه لأمره به؛ لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز، وقوله في الحديث: زادك الله حرصا ولا تعد يعني لا تعد إلى الركوع دون الصف؛ لأن المسلم مأمور بالدخول مع الإمام في الصلاة على أي حال يجده عليها. ومن أدلة الجمهور أيضا على ذلك ما رواه أبو داود، وابن خزيمة، والدارقطني، والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا : إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة ، وفي لفظ لابن خزيمة ، (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 161) والدارقطني ، والبيهقي : ومن أدرك ركعة في الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه . فهذا الحديث نص واضح الدلالة لقول الجمهور من وجوه: أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم في السجود: ولا تعدوها شيئا فإنه يفهم منه أن من أدرك الركوع يعتد به. الثاني: أن لفظ الركعة إذا ذكر مع السجود يراد به الركوع كما جاء ذلك في أحاديث، منها حديث البراء: رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته الحديث، ومنها أحاديث الكسوف وقول الصحابة فيها: صلى النبي صلى الله عليه وسلم أربع ركعات في أربع سجدات يعنون أربع ركوعات. الوجه الثالث: قوله في رواية ابن خزيمة ، والدارقطني ، والبيهقي قبل أن يقيم صلبه نص واضح في أنه أراد بالركعة الركوع. وحديث أبي هريرة المذكور قد جاء من طريقين يشد أحدهما الآخر، وتقوم بمثلهما الحجة على ما قد تقرر في مصطلح الحديث، ويعتضد بعمل من ذكر الصلاة من الصحابة بما دل عليه. وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب صفحة ( 215 ) ( جلد 4 ) بعد (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 162) كلام سبق ما نصه: ( وهذا الذي ذكرناه - من إدراك الركعة بإدراك الركوع - هو الصواب الذي نص عليه الشافعي وقاله جماهير الأصحاب، وجماهير العلماء، وتظاهرت به الأحاديث، وأطبق عليه الناس، وفيه وجه ضعيف مزيف أنه لا يدرك الركعة حكاه صاحب التتمة عن إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة من أكبر أصحابنا الفقهاء المحدثين، وحكاه الرافعي عنه، وعن أبي بكر الصبغي من أصحابنا، وقال صاحب التتمة: هذا ليس بصحيح؛ لأن أهل الأمصار اتفقوا على الإدراك به، فخلاف من بعدهم لا يعتد به ) انتهى كلامه. وقد حكى الحافظ ابن حجر في ( التلخيص ) عن ابن خزيمة ما يدل على موافقته للجمهور على أن الركعة تدرك بإدراك الركوع. والله أعلم. (الجزء رقم : 12، الصفحة رقم: 163) س: إذا لحق المصلي صلاة الجماعة في التشهد الأخير، هل يحسب له أجر صلاة الجماعة أم لا؟ ج: الجماعة لا تدرك إلا بركعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ولكن من تأخر لعذر فله أجر الجماعة كالمرض ونحوه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا رواه البخاري في الصحيح .