فضل الصيام وحكمه

263891

      تعريف الصيام

الصيام لغةً:

الإمساك والامتناع عن الشيء.

الصيام شرعًا:

التعبد لله تعالى بالإِمساك عن الطعام والشراب والجماع، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.

    فضل الصيام

    ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣ أَيَّامٗا مَّعۡدُودَٰتٖۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۚ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرٗا فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥۚ وَأَن تَصُومُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ١٨٤ شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَۗ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلۡيُسۡرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ ٱلۡعُسۡرَ وَلِتُكۡمِلُواْ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ١٨٥) [البقرة:185:183].

    للصيام فضل عظيم وثواب جزيل مضاعف، فقد أضاف الله الصيام إليه تشريفًا وتعظيمًا، ففي الحديث القدسي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وسلم): «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائةِ ضِعْفٍ. قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصيام، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ. وَلَـخُلُوفُ[ الخلوف: تغير رائحة الفم]فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». (متفق عليه)

    حكمة مشروعية الصيام

    1- تحقيق تقوى الله في الاستجابة لأمره والانقياد لشرعه، قال جل و علا: ( لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣ ) [البقرة:183].

    2- تعويد النفس على الصبر، وتقوية الإرادة في التغلب على الشهوات.

    3- تعويد الإنسان على الإحسان، والشفقة على المحتاجين والفقراء؛ لأنه إذا ذاق طعم الجوع فإن ذلك يرقق قلبه وشعوره نحو إخوانه المحتاجين.

    4- تحقيق راحة الجسم وعافيته في الصيام.

    حكم الصيام

    ينقسم الصيام الذي شرعه الله إلى:

    صيام واجب.

    وهو نوعان:

    صيام أوجبه الله ابتداء على العبد، وهو صيام رمضان، وهو ركن من أركان الإسلام.

    صيام يكون العبد سببًا في إيجابه على نفسه: كصيام النذر، وصيام الكفارات.

    صيام مستحب.

    وهو كل صيام استحب الشارع فعله: كصيام الاثنين والخميس، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام يوم عاشوراء، وصيام العشر الأوائل من ذي الحجة، وصيام يوم عرفة.

    شروط وجوب الصيام

    1- الإِسلام: فلا يجب على الكافر.

    2- البلوغ: فلا يجب على الصغير، ولكن يؤمر به الصبي إِذا أطاقه؛ ليتعود عليه.

    3- العقل: فلا يجب على مجنون.

    4- القدرة: فلا يجب على العاجز عنه.

    صيام رمضان

    صيام رمضان ركن من أركان الإِسلام، وفريضة فرضها الله على عباده.

    قال تعالى: ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ١٨٣ ) [البقرة:183]، وقال رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم):« بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ»(رواه البخاري) . وذكَرَ منها: «صِيَامِ رَمَضَانَ».

    من فضائل رمضان

    1- صيام وقيام رمضان يغفر ما تقدم من الذنوب، قال (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»(متفق عليه).

    وقال (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).

    2- من قام ليلة القدر غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه، قال (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (متفق عليه).

    3- عُمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي (صلى الله عليه وسلم)قال: «عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً - أَوْ حَجَّةً مَعِي»(رواه مسلم).

    4- شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، وتقبل النفس على فعل الخير، قال (صلى الله عليه وسلم): «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» (متفق عليه)، فعلى المسلم المبادرة إلى التوبة، والبعد عن مقارفة المنكرات، والإِقبال على الله تعالى.

    5- شهر رمضان شهر القرآن، فينبغي الإكثار من تلاوته فيه قال جل وعلا: ( شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ ) [البقرة:185].

    6- شهر رمضان شهر الجود والإنفاق والصدقة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وسلم) أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، إِنَّ جِبْرِيلَ - عليه السلام -  كَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ سَنَةٍ في رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ، فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَة»(متفق عليه).

    بم يثبت دخول رمضان؟

    يثبت دخول شهر رمضان برؤية الهلال، فإِذا رُؤي الهلال بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، فإِنه قد دخل بذلك شهر رمضان، فإذا لم يُرَ الهلالُ بعد غروب الشمس ليلة الثلاثين من شعبان، أو حال دون رؤيته غيم، أو غبار، أو دخان، أكمل شهر شعبان ثلاثين يومًا؛ لقوله (صلى الله عليه وسلم): «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمْ الشَّهْرُ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ».(متفق عليه)

    الإفطار في رمضان

    الإفطار في رمضان محرم ومن كبائر الذنوب، ومن أفطر يومًا بلا عذر ولم يتب، لم يجزئه صيام الدهر ولو صامه؛ لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ فِي غَيْرِ رُخْصَةٍ رَخَّصَهَا الله لَهُ لَمْ يَقْضِ عَنْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ»(رواه أبو داود)،وعقوبة الإفطار عظيمة، فعن أَبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضى الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، يَقُولُ: « بَيْنَا[ بينا: بينما] أَنَا نَائِمٌ، إِذْ أَتَانِي رَجُلاَنِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ[ الضبع: العضد، والعضد ما بين المرفق والكتف] فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالاَ لِي: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّي لاَ أُطِيقُهُ، فَقَالاَ: إِنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ، فَصَعِدْتُ حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ إِذَا أَنَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ؟قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ [ عواء: صراخ] أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ [ بعراقيبهم: جمع عرقوب، وهو الوتر الذي خلف الكعبين] مُشَقَّقَةُ أَشْدَاقُهُمْ [ أشداقهم: جوانب فمهم] تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاَءِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ[ قبل تحلة صومهم: يفطرون قبل تمام صومهم]».(رواه ابن حبان).

    حال السلف في رمضان

    قدوة السلف محمد (ص):

    قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: «وكان من هديه (صلى الله عليه وسلم) في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل رضى الله عنه يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف. وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور، حتى إنه كان ليواصل فيه أحيانًا ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة».[ زاد المعاد في هدي خير العباد (2/30)] .

    السلف والقرآن في رمضان:

    يستحب في الأوقات المفضلة كشهر رمضان -خصوصا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر- الإكثار من تلاوة القرآن اغتناما للزمان.

    فهذا الإمام البخاري -رحمه الله- كان إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم، ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن. وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند الإفطار كل ليلة ويقول: عند كل الختم؛ دعوة مستجابة.[ صفة الصفوة (4/170)] . وروي عن الشافعي أنه كان يختم في رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلاة.[ صفة الصفوة (2/255)]

    السلف والقيام في رمضان:

    عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: «كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ t فِي شَهْرِ رَمَضَانَ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً»، قَالَ: «وَكَانُوا يَقْرَءُونَ بِالْمَئِينِ[ أَيْ: بِالسُّوَرِ الَّتِي يَزِيدُ كُلٌّ مِنْهَا عَلَى مِائَةِ آيَةٍ] ، وَكَانُوا يَتَوَكَّئُونَ عَلَى عِصِيِّهِمْ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضى الله عنه مِنْ شِدَّةِ الْقِيَامِ».[ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى]

    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ – رضي الله عنهما - قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ، فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بِالطَّعَامِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ».[ موطأ مالك، ت: عبد الباقي] عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما - «أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ فِي بَيْتِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَإِذَا انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الْمَسْجِدِ أَخَذَ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ الصُّبْحَ».[ أخرجه البيهقي في السنن الكبرى]



كلمات دليلية: